حتى يكون في الاتيان بها مرتين أو أكثر مخالفة للامر وهذا الاعتراض بجوابه مع أصل التعليل فاسد أما فساد الاعتراض فلان مقصود العضدي حصول الامتثال بالمرة الثانية والثالثة فما زاد وهذا على القول بالمرة غير متجه وما زعمه المحشي الشيرازي في دفع ذلك من أن القائل بالمرة يريد بها الطبيعة المقيدة بالوحدة المطلقة فيصدق على المأتي به ثانيا فما زاد أنه طبيعة مقيدة بالوحدة المطلقة كما يصدق عليه أنه طبيعة فالفرق بينهما في حصول الامتثال تحكم ضعيف إذ ليس المفهوم من المرة ما ذكره بل الطبيعة المقيدة بمرة شخصية أي المرة الصادقة على آحاد المرات على البدل وما تأوله به تعسف ظاهر وأما فساد الجواب فلان القائل بالمرة لم يزد على اعتبارها شيئا وليس في ذلك دلالة على اعتبار النهي عما زاد عنها بل ولا عدم مطلوبية الزائد اللهم إلا إذا كان ممن يقول بحجية مفهوم القيد مطلقا فيلزمه الالتزام بالثاني وأما فساد التعليل فسيأتي بيانه احتج القائل بالاشتراك بوجهين الأول وقوع الاستعمال في كل منهما وقضية الأصل أن يكون حقيقة فيهما والجواب ما مر من أن الاستعمال أعم من الحقيقة ولو سلم فقد بينا ما يوجب الخروج عنه الثاني حسن الاستفهام عن إرادة المرة والتكرار وذلك آية الاشتراك و الجواب المنع من ذلك فإن الاستفهام قد يحسن لدفع الاحتمالات المرجوحة أيضا احتج المتوقفون بأنه لو ثبت فإما بالعقل ولا مدخل له فيه وإما بالنقل وهو إما بالآحاد وهي لا تفيد العلم و إما بالتواتر وهو يمنع وقوع الخلاف وقد مر هذا الاستدلال بجوابه تتمة الحق أن تعليق الامر على الشرط والصفة بمجرده لا يفيد التكرار بحسب تكررهما نعم كثيرا ما يستفاد ذلك من أمور خارجة كعموم الشرط أو تبادر العلية التامة من التعليق بحسب مقتضى المقام وهو شائع بل قد يستفاد منه إرادة التكرار ما دام الوصف باقيا أو بمجرد حصول الشرط وإن لم يتكرر لكن كل ذلك خارج عن المبحث و خالفنا في ذلك بعض من وافقنا في الأصل المتقدم على نفي التكرار لنا أن المتبادر من التعليق في المقامين ليس إلا تقييد الطلب و التكرار معنى خارج عنه احتجوا بأنه قد تكرر الامر في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وإن كنتم جنبا فاطهروا والزاني و الزانية فاجلدوا والسارق والسارقة فاقطعوا وقد دل الاستقراء على أن منشأ فهم التكرار منها نفس التعليق والجواب أنه إن أريد أن الاستقراء دل على أن الدال على التكرار هناك مجرد التعليق فممنوع و إن أريد أنه دل على أن الدال نفس تلك الآيات أو التعليق في الجملة فبعد تسليمه لا يثبت به المقصود لان التعليق في مثل تلك الموارد يفيد العلية التامة عرفا وقد يستدل على الحكم الثاني بأن تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية اتفاقا فيجب أن يتكرر الحكم حيثما يتكرر الوصف لامتناع تخلف المعلول عن العلة والجواب أنهم أرادوا أنه يشعر بالعلية في الجملة لا أنه يشعر بالعلية التامة فحينئذ لا يستحيل الانفكاك سلمنا لكن اطراد هذا الاشعار ممنوع كما ستقف عليه واعلم أن بعض المعاصرين نقل عنهم الاحتجاج بالاستقراء وقرره بما حاصله أن تتبع الموارد المذكورة وغيرها مما أفاد التعليق فيه التكرار لكثرتها وغلبتها يوجب الظن بإرادة التكرار من التعليق حيث يشك فيه وأجاب بأن الغلبة في الموارد التي تستفاد منها العلية لا يوجب ثبوت الحكم في غيرها ولم نقف على هذا التقرير في كلامهم وكأنه سهو في التقرير السابق تذنيب يشتمل على تنبيهين الأول إذا ثبت أن مدلول الامر إنما هو طلب الحقيقة من غير دلالة على مرة و لا تكرار فإذا أتى المكلف بالفعل مرة واقتصر عليها فلا ريب في صدق الامتثال وخروجه عن عهدة التكليف بها ولو لم يقتصر عليها فهل يصدق الامتثال على الاتيان بما زاد عليها قيل نعم لوجود الطبيعة المأمور بها فيه فإن الصيغة لما كانت للقدر المشترك بين المرة والتكرار وهو طلب الحقيقة فلا جرم يحصل الامتثال بأيهما وقع على ما يشهد به العرف وفيه نظر لأنه لا ريب في سبق المرة فلا بد من حصول الامتثال بها لكونها أحد الامرين اللذين فرض حصول الامتثال بأيهما وقع فإذا حصل الامتثال بها لم يبق وجه للامتثال بما زاد عليها إذ الامتثال عقيب الامتثال مع وحدة الطلب غير معقول لأدائه إلى تحصيل الحاصل على أنا نقول حصول الامتثال بما زاد على المرة مبني على تعلق الطلب به إما إيجابا أو ندبا وهو بكلا قسميه باطل أما بطلان تعلق الطلب به إيجابا فلانه يستلزم عدم الخروج عن عهدة التكليف بالمرة وهو خلاف الفرض لأنه راجع إلى القول بالتكرار وأما بطلان تعلق الطلب به ندبا فلتوقفه على القول بجواز استعمال اللفظ فيما زاد على معنى واحد وهو مع فساده في نفسه لا يصار إليه عند عدم القرينة ولا يذهب عليك أن هذا إنما يتم على القول بأنه حقيقة فيهما أو في أحدهما فقط وأما على القول بأنه حقيقة في القدر المشترك كما هو المختار أمكن اعتبار الايجاب بالنسبة إلى المرة الأولى والاستحباب بالنسبة إلى المرات المتأخرة من غير أن يستعمل الامر في شئ منهما كما لو تعلق بواجب ومندوب نعم يرد عليه المنع من مساعدة العرف على هذا التقدير على هذا التنزيل عند الاطلاق والتجرد عن القرائن كما هو محل البحث وأيضا إذا لم يكن مدلول الامر عند الاطلاق إلا طلب الحقيقة كما تمسكوا به على نفي المرة والتكرار فمن أين يستفاد وجوب المرة وندبية ما زاد عليها وهل هذا إلا تهافت هذا إذا فسرت المرة بالدفعة وأما إذا فسرت بالفرد اتجه التفصيل حينئذ بين الاتيان بما زاد على الواحد دفعة وبين الاتيان به على التعاقب فيرد عليه ما ذكرناه على التقدير الثاني دون الأول لان الطبيعة المأمور بها متحققة في ضمن الجميع كتحققها في ضمن الواحد فلا سبيل إلى تعيينه ثم هذا كله مبني على القول بجواز تعلق الاحكام والمطلوبية بالطبائع من حيث هي كما هو مقالة البعض كالفاضل المعاصر على ما صرح به في غير المقام فإن قلت على هذا القول يكون المطلوب أيضا طبيعة الامتثال لا الفرد الحاصل منه بفعل المرة وإن كان الفرد مطلوبا تبعيا عند أهل هذا القول من باب المقدمة لان الكلام في المطلوب الأصلي وظاهر أن طبيعة الامتثال إذا أخذت من حيث هي لم يكن لها تعدد في صورة التكرار حتى يلزم التعاقب مع أن الامتثال عبارة عن موافقة الامر ومرجعه إلى الاتيان بالمأمور به
صفحة ٧٣