والشرائط فيه فيمكن نفي ما لم نعلمه بالأصل وهذا أيضا ضعيف إذ لا ريب في أن صحة بعض أجزاء العبادة منوطة بوقوع بقية الاجزاء والشرائط فقضية الاشتغال بها عدم البراءة بخلاف سائر الموارد التي يتمسك فيها بأصل البراءة فإن الامتثال ببعضها لا يناط بالامتثال بغيرها فلا تعارض لأصل البراءة فيها فاتضح الفرق بين المقامين و بطلت الملازمة المتوهمة في البين الثالث أن التكاليف المتعلقة بالماهيات المجملة إنما هي بحسب ما تبين منها للمكلفين بها فكما أن الحاضرين لمجلس الخطاب إذا أمرهم الشارع بعبادة ثم بينها لهم بأن ذكر لها أجزاء وشرائط لم يكونوا مكلفين إلا بما اشتمل على تلك الأجزاء والشرائط المبنية وإن احتمل عندهم أن يكون لها جز أو شرط لم يبينه لهم فكذلك إذا علمنا أن الشارع قد أمرنا بعبادة و تصفحنا فوقفنا لهم على أجزاء وشرائط ثم لم نعثر على ما يقتضي الزيادة لم نكن مكلفين إلا بالقدر المبين وفيه نظر لان الحاضرين لمجلس الخطاب يمكنهم التمسك في حصر الأجزاء والشرائط في الأمور المبينة بعدم جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب أو الحاجة لتيسر البيان وقبح التعويل حينئذ على البناء على الاحتياط مع عدم التصريح به وأما من عداهم فقد يتعذر وصول البيان إليهم مع وقوعه فلا يبعد حكم العقل بوجوب الاحتياط في موارد الشك في حقهم تحصيلا للبراءة اليقينية أو نقول ظاهر الاقتصار في مقام البيان يعطي الانحصار فلهم أن يعولوا عليه وأما غيرهم فربما لا تيسر لهم بيان يفيد ذلك فلا يكون لهم مستند على الحصر الرابع أصالة عدم تعلق الوجوب التبعي بتلك الأجزاء والشرائط استصحابا للحالة السابقة فإنها لم تكن قبل ورود الامر بتلك الماهيات مطلوبة فالأصل بقاؤها عليه وفيه نظر لأنه إن أريد بهذا الأصل إثبات تعلق الوجوب النفسي بماهية الأقل دون الأكثر فهو من الأصول المثبتة التي لا تعويل عليها عند المحققين وإلا فلا جدوى له في المقام الخامس وهو يختص بنفي المانع أصالة عدم منع ما يحتمل مانعيته استصحابا للحالة السابقة لا سيما إذا كان طارئا في أثناء العمل لاعتضاده حينئذ باستصحاب بقاء الصحة إذ التحقيق عدم الفرق في الاستصحاب بين الشك في قدح العارض أو عروض القادح فكما لو علم بمانعية النجاسة وشك في عروضها أو شك في نجاسة أمر علم بعروضه توجه التمسك بالاستصحاب في نفيهما وحصل الامتثال بالفعل على تقديره فكذا لو علم بعروض نجاسة وشك في مانعيتها توجه التمسك بالاستصحاب في نفيها وصح التعويل عليه في الامتثال وفيه نظر لان الاستصحاب على ما نحققه في محله إنما يجري حيث يكون قضية الشئ المستصحب بقاؤه عادة أو شرعا على تقدير عدم الطرو المانع المحتمل طريانه أو منع الطاري المحتمل مانعيته كما في المقامين الأولين فإن قضية الطهارة الثابتة أولا بقاؤها شرعا ما لم يرفعها رافع فحيث يشك في عروض الرافع أو رفع العارض يصح التمسك بأصالة بقائها بخلاف المقام الأخير إذ ليس فيه ما يكون قضية البقاء على تقدير عدم طرو الرافع أو رفع الطاري إلا الاشتغال فيستصحب إلى أن يثبت الرافع له فيجب الاتيان بجميع الأجزاء والشرائط المعلومة والمحتملة والاحتراز عن جميع الموانع المعلومة والمحتملة إذ لا يثبت رفعه بغيره وأما عدم المانع فمرجعه إلى حصول المطلوب على تقديره فهو مخالف للاستصحاب لا موافق له فإن الفعل لم يكن أولا بجميع تقاديره مطلوبا غاية الامر أن الدليل دل على مطلوبيته على بعض التقادير فيقتصر عليه و يستصحب في غيره حكمه السابق من عدم المطلوبية وبالجملة فقضية الاستصحاب في المقامين الأولين إثبات موضوع الشرط فيثبت الامتثال بالمشروط المقارن له بعموم ما دل على تقدير مقارنة الشرط وقضية اعتباره في الأخير نفي الاشتراط وهو غير مستقيم لان مرجعه إلى مطلوبية الفعل بدون الشرط المحتمل وهو خلاف قضية الاستصحاب وأما التمسك باستصحاب بقاء صحة العمل حيث يصادف المانع الاحتمالي في الأثناء فواضح الوهن لأنه إن أريد إثبات بقاء صحة الأجزاء المأتي بها أولا بعد طرو المانع الاحتمالي فغير مجد لان البراءة إنما تتحقق بفعل الكل دون البعض وإن أريد إثبات عدم مانعية الطاري بذلك أو صحة بقية الأجزاء أو الكل فساقط لما عرفت من عدم التعويل على الأصول المثبتة السادس ما ذكره الفاضل المعاصر في مسألة أصل البراءة ومحصله أن أصل البراءة عن الجز و الشرط المشكوك فيهما وأصالة عدم الجزئية والشرطية يفيدان الظن بالعدم حيث لا يعارضهما شئ من الأدلة فيبنى على مقتضاه لان ذلك قضية قاعدة انسداد باب العلم وبقاء التكليف ولأن القدر المتيقن من التكليف الاتيان بالقدر المظنون إذ لا إجماع على التكليف بما زاد على المظنون ولا دليل على أنا مكلفون بالواقع لا يقال قضية الخطابات الشرعية ذلك لما تحقق في محله من أن الألفاظ موضوعة بإزاء المعاني الواقعية دون العلمية والظنية لأنا نمنع توجه تلك الخطابات إلينا بل إلى المشافهين خاصة فينحصر الدليل في حقنا في الاجماع وهو لا يساعد على ثبوت التكليف بما زاد على مظنوننا كما مر ولئن تمسك بأدلة الشركة في التكليف لكان لنا منع كون المشافهين مكلفين بالواقع أيضا بل بما حصل لهم الظن بأنه مورد التكليف بدليل أن البيان لهم بخطابات لفظية وهي لا تفيد القطع بالمراد ولو غالبا وإنما تفيد الظن به وهذا يقتضي أن لا يكونوا مكلفين إلا بمظنونهم وقضية الشركة في التكليف أن يكون من عدلهم أيضا مكلفين بمظنونهم فثبت المطلوب والجواب أن أصل البراءة وأصل العدم إن قيسا إلى الواقع فلا يستلزمان حصول الظن بمفادهما قطعا وهذا واضح وإن قيسا إلى الظاهر فالحق أن أصل البراءة يفيد القطع بالبراءة الظاهرية عقلا ونقلا عند خلق الواقعة عن دليل الاشتغال بالكلية وبدونه لا يفيد علما بها ولا ظنا وقد عرفت أنه قد قام الدليل في المقام على ثبوت التكليف بالجز والشرط المشكوك فيهما و هو قضاء العقل بأن قضية الشغل اليقيني وجوب تحصيل البراءة اليقينية وأما أصل العدم فإن أريد به عدم التكليف كان بمعنى أصل البراءة وقد مر الكلام فيه وإن أريد به عدم الحكم الوضعي فإن أريد به نفي لوازمه من الأحكام التكليفية رجع إلى أصل
صفحة ٥٠