الظاهرية أو الأعم منه ومن الظني أعني مطلق الاعتقاد بحملها على الواقعية والكل محتمل ويعرف وجهها بالمقايسة إلى ما مر والمراد بالقواعد القضايا الكلية فيخرج بالتقييد بها العلم بغيرها من القضايا الشخصية وغير القضايا من التصورات مطلقا وفسرها بعضهم بالأمور الكلية فتشمل القضايا وغيرها وهو بعيد لعدم مساعدة الاستعمال عليه وإذا فسر العلم بغير الملكة ينبغي أن يحمل اللام فيها على الاستغراق العرفي لئلا يرد النقض بما لو جهل الأصولي بعض المسائل النادرة منها ويخرج بهذا القيد العلم بالجزئيات وبقولنا الممهدة إلى الفرعية العلم بالقواعد الممهدة لغير الاستنباط كالكلام أو لاستنباط غير الاحكام كمباحث التصورات من علم المنطق فإنها ممهدة لاستنباط التصورات النظرية من التصورات الضرورية ولو فسر القواعد بالأمور الكلية خرج معها الحدود أيضا أو للأحكام الغير الشرعية كبعض العلوم الرياضية الممهدة لاستنباط الاحكام النجومية أو الشرعية الغير الفرعية كبعض قواعد الكلام المقررة لاستنباط بعض مباحث الأصول كقبح إظهار المعجزة على يد الكاذب وقبح الكذب فإنهما ممهدان للعلم بصدق الرسول وامتناع الخلف في مواعيده تعالى وقولنا عن أدلتها التفصيلية متعلق بالاستنباط و زعم بعضهم أنه لا حاجة إليه بعد انحصار طرق الاستنباط فيها وفيه أن الأحكام الشرعية قد تستنبط من الأدلة الاجمالية كما في حق المقلد فلو ترك القيد لدخل فيه مبحث التقليد وقد صرحوا بخروجه منه و أنه إنما يذكر استطرادا ويؤيده خروجه عن معناه الإضافي اللهم إلا أن يمنع صدق الاستنباط عليه ثم على طرد الحد إشكالات الأول أنه يتناول النحو والصرف وغيرها مما يستنبط منه الاحكام وجوابه أن اللام للاختصاص فيخرج تلك العلوم لأنها ليست ممهدة لخصوص ذلك نعم يتجه الاشكال على حد من قال إنه العلم بالقواعد التي يستنبط منها الأحكام الشرعية الفرعية والاعتذار عنه بأن الوصف يفيد الاختصاص مما لا يصغى إليه ثم الكلام في الاختصاص ما مر الثاني أن جميع القواعد الفقهية داخلة في الحد إذ يستنبط منها أحكام فروع كثيرة لا يقال مفاد الحد أن مجموع تلك الأحكام مستنبطة عن مجموع تلك القواعد فلا تدخل القواعد الفقهية في تلك القواعد الممهدة وإلا لكان المستنبط بعض تلك الأحكام لأنا نقول غاية ما في الباب أن يكون تلك القواعد داخلة في الجمعين ولا بأس به مع اختلاف الاعتبارين وهذا الاشكال ظاهر الورود على التعريف الثاني ويحتاج في توجيهه على التعريف الأول إلى نوع تعسف والجواب أن تلك القواعد ليست ممهدة في الفقه للاستنباط بل الغرض من بيانها فيه معرفتها لا نفسها واستنباط الفروع منها مما لا ينافيه الثالث أن الحد صادق على علمه تعالى وعلم الملائكة والأنبياء والأئمة عليهم السلام بتلك القواعد مع أن شيئا منها لا يسمى في العرف أصولا بدليل عدم صدق وصف الأصولي هناك ويمكن دفعه بالتزام حمل العلم على الملكة الناشئة عن الممارسة مع أنه على تقدير حمله على الادراك فالظاهر منه العلم الحصولي فلا يتوجه النقض بالأول ولو أريد بالاستنباط استنباط العالم بها اندفع النقض بجميع موارده القول في موضوعه موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية والمراد بالعرض الذاتي ما يعرض الشئ لذاته لا بواسطة في العروض سواء احتاج إلى واسطة في الثبوت ولو إلى مباين أعم أو لا أما الأول فكالأحوال الاعرابية الطارية على الكلمة والكلام بواسطة الوضع وهو أمر مباين للفظ وإن كان له نوع تعلق به أعم وبحسب الوجود لتحققه في النقوش وغيرها أيضا و كالأحكام الشرعية الطارية على أفعال المكلفين باعتبار وعلى الأدلة باعتبار بواسطة جعل الشارع وخطابه وهو أمر مباين للأفعال والأدلة و إن كان له نوع تعلق بهما وأعم من كل منهما لتحققه في الأخرى وأما الثاني فكالحاجة اللاحقة للممكن المبحوث عنه في فن المعقول فإنها يتصف بها من حيث الذات على ما هو التحقيق و كالأحوال الطارية على الاشكال كمعادلة زوايا الثلاث لقائمتين المبحوث عنها في علم الهندسة فإن لحوق تلك الأحوال لموضوعاتها مستندة إلى ذواتها وكذلك الأحوال اللاحقة للعدد المبحوث عنها في علم الحساب وأما ما يعرض للشئ بواسطة في العروض مطلقا ويعبر عنه بالعرض الغريب كالسرعة والشدة اللاحقتين للجسم بواسطة الحركة والبياض فلا يبحث عنه في علم يكون موضوعه ذلك الشئ بل في علم يكون موضوعه ذلك العرض لان تلك الصفات في الحقيقة إنما لاحقة له وإن لحقت غيره بواسطته نعم قد يكون موضوع العلم عبارة عن عدة أمور نزلت منزلة أمر واحد لما بينها من الارتباط و المناسبة من حيث الغاية كموضوع هذا العلم في وجه فيبحث عن كل بحسب ما يعرض له بدون واسطة في العروض وإن عرض للاخر بالواسطة أو لم يعرض له أصلا إذ ليس البحث عنه فيه بهذا الاعتبار هذا ما يساعد عليه النظر الصحيح و المشهور أن المراد بالعرض الذاتي الذي يبحث عنه في العلم هو ما يعرض للشئ لذاته أو لأمر يساويه وأن ما يعرض للشئ بواسطة أمر مباين كالحرارة العارضة للماء بواسطة النار أو أعم كالحركة بالإرادة العارضة للانسان باعتبار جزئه الأعم وهو الحيوان أو أخص كالتعجب اللاحق للحيوان بواسطة كونه ناطقا فهو من الاعراض الغريبة التي لا يبحث عنها في العلم أقول إن أرادوا بقولهم العرض الذاتي ما يعرض للشئ لذاته أو لأمر يساويه أن يكون العارض عارضا لنفس الذات أو لأمر يساويها أي بلا واسطة غير الذات وغير المساوي فهذا مع عدم مساعدة كلامهم عليه كما يظهر من عدهم لما لا يبحث عنه في العلم وأمثلتهم لها مردود بما عرفت من أن مباحث العلم لا تكون إلا من القسم الأول أعني العوارض اللاحقة
صفحة ١٠