346

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

الكويت

وَلَيْسَ فِي ذِكْرِ الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ تَقْدِيمِ ذِكْرِ الثَّلَاثِينَ وَالْعَشْرِ إظْهَارُ شَيْءٍ، وَ(لَا) إيضَاحٌ لِمَا أُشْكِلَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى كَذَلِكَ تَأْكِيدًا وَتَقْرِيرًا كَمَا يُؤَكَّدُ بِتَكْرَارِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: ٥] ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: ٦] وقَوْله تَعَالَى ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٤] ﴿ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٥] وَكَقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بِنْتَ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْبَيَانِ فِي شَيْءٍ.
وَجَعَلَ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ قَوْله تَعَالَى ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] زِيَادَةً فِي الْبَيَانِ وَمَا سَمَّى (أَحَدٌ هَذَا) بَيَانًا غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ إنَّهَا عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ فِي قِيَامِهَا مَقَامَ الْهَدْيِ وَمَا يُسْتَحَقُّ بِهَا مِنْ الثَّوَابِ.
[أَقْسَامِ الْبَيَانِ]
ثُمَّ قَسَّمَ الْبَيَانَ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَمَا سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّقْسِيمِ أَحَدٌ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْ لُغَةٍ أَوْ (عَنْ) شَرْعٍ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَلَا نَدْرِي (عَمَّنْ) أَخَذَهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ثُمَّ لَمْ يُعَضِّدْهُ بِدَلَالَةٍ فَحَصَلَ عَلَى الدَّعْوَى. ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ: قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: ١٤٢] وَنَحْوَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِبَيَانٍ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الْعَشَرَةِ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَنَا بِذَلِكَ الْحِسَابَ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ يَكْفِي فِي الْإِبَانَةِ عَنْ جَهْلِ قَائِلِهِ وَغَبَاوَةِ حِكَايَةِ

2 / 14