345

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

الكويت

وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ بَيَانًا مَا لَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ هَذَا الْوَصْفُ، لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» إذْ كَانَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ مِمَّا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ مَعَانٍ مُجْتَمِعَةُ الْأُصُولِ مُتَشَعِّبَةُ الْفُرُوعِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَيَانٌ صَحِيحٌ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَا يَلْزَمُهُ مَا ذَكَرْت لِأَنَّ هَذَا أَحَدُ أَقْسَامِ الْبَيَانِ لَا جَمِيعُهُ. قِيلَ لَهُ: أَوْ لَيْسَ هُوَ بَيَانًا فِي نَفْسِهِ مَعَ ذَلِكَ وَمَا حَدُّهُ بِالْوَصْفِ الَّذِي ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ شَرْطًا لِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ بَيَانًا فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا أَنْ يُحَدَّ الْبَيَانُ بِمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ، لِأَنَّ التَّحْدِيدَ يَقْتَضِي أَلَا يَخْرُجَ عَنْ الْحَدِّ مَا هُوَ مِنْهُ كَمَا (لَا يَدْخُلُ) فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَإِذَا وَجَدْنَا بَيَانًا صَحِيحًا لَا يَحْصُرُهُ (الْحَدُّ) الَّذِي ذَكَرَهُ لِلْبَيَانِ فَقَدْ وَضَحَ بُطْلَانُ تَحْدِيدِهِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ الرَّجُلَ أَخْبَرَ عَنْ الْبَيَانِ مَا هُوَ، وَالْبَيَانُ: اسْمُ جِنْسٍ لِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ يَقْتَضِي اسْتِيعَابَ جَمِيعِهِ فَوَاجِبٌ عَلَى قَضِيَّتِهِ أَنْ لَا بَيَانَ إلَّا مَا كَانَ بِهَذَا الْوَصْفِ
، (وَقَدْ نَقَضَ هُوَ ذَلِكَ بِكُلِّ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِلْبَيَانِ لِأَنَّ كُلَّ قِسْمٍ مِنْهَا لَيْسَ بِهَذَا الْوَصْفِ) .
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ سَمَّى قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: ١٤٢] بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ [الأعراف: ١٤٢] وَهَذَا لَا يُسَمِّيهِ أَحَدٌ بَيَانًا فِي شَرْعٍ وَلَا لُغَةٍ لِأَنَّ الْبَيَانَ هُوَ إظْهَارُ الْمَعْنَى وَإِيضَاحُهُ مُنْفَصِلًا مِمَّا يَلْتَبِسُ بِهِ.

2 / 13