132

الفصول في الأصول

الناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

الكويت

الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ) وَذَا النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ وَيَحْتَجَّانِ فِيهِ بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتَا إلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ. قِيلَ لَهُ: أَقَلُّ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَحْرِيمِ ذِي النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ تَخْصِيصُ الْآيَةِ. لِأَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِيهَا، وَمَا عَدَا مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ لَمْ تَقْتَضِ الْآيَةُ حَظْرَهُ وَلَا إبَاحَتَهُ، فَلَيْسَ فِي تَحْرِيمِهِ تَخْصِيصُ الْآيَةِ. وَجِهَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ أَشْيَاءَ مِنْ نَحْوِ السَّابِيَةِ وَالْوَصِيلَةِ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ رَدًّا لِقَوْلِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] يَعْنِي مِمَّا يُحَرِّمُونَ ﴿إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾ [الأنعام: ١٤٥] إلَى آخِرِ الْآيَةِ. (فَلَا دَلَالَةَ فِيهَا إذْ) كَانَ نُزُولُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى إبَاحَةِ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ فِيهَا.
وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ عُمُومًا فِي إبَاحَةِ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ فِيهَا لَجَازَ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لِأَنَّ مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ جَازَ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَنَا. وَقَدْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ أَشْيَاءَ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهِيَ الْخَمْرُ وَلَحْمُ الْقُرُودِ وَنَحْوُهَا فَصَارَتْ الْآيَةُ خَاصَّةً بِالِاتِّفَاقِ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى: أَنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي تَحْرِيمِ ذِي النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَلُحُومِ الْخَيْلِ، وَلَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ الِاجْتِهَادَ فِيهِ.

1 / 181