فصول في الثقافة والأدب
الناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
أنت قلت له «ثِبْ». قال: «من دخل ظَفار حَمَّر». أي تعلم لسان حمير. وزعموا أن «ثب» في لسانهم بمعنى «اقعد»، وأنا أسرد القصة من حفظي، وليس تحت يدي وأنا أكتب هذا المقال شيء من المراجع لأرجع إليه.
وأذكر أننا درسنا في الجامعة المصرية (وقد حضرت فيها فترة من سنة ١٩٢٨) في كتاب للمستشرق جويدي صُوَرَ نُقوشٍ وجدوها على قبور في اليمن، لا تُفهَم ولا يُحكَم بأنها من لسان العرب. فلسان حمير -إذن- غير لسان قريش. فإذا كانوا هم العرب العاربة وكان لسانهم هو العربي كان القرآن منزَّلًا بغير العربية لأنه مخالف للسان حمير ... مع أن القاعدة الثابتة التي ينبني هذا الكلام كله عليها هي أن القرآن نص عربي، وكل نتيجة تخالف هذه المقدمة مردودة.
فالعرب -إذن- هم قريش ومن نطق بلسانهم الذي نزل به القرآن، فمن وافقهم كان من أهل العربية، ومن خالفهم لم يكن من أهلها. ولسان حمير ومن كان قبلها في اليمن مخالف له، فهل نقول إن حمير ليست من العرب؟ وهل يمكن أن يقال -على هذا- إن العرب هم ثمرة زواج إسماعيل من جرهم، كما كان العبرانيون ثمرةَ زواج يعقوب من أهل فلسطين؟
وأزيد الكلام بيانًا: إن إبراهيم هو جدّ العرب وجدّ العبرانيين، ولكنه ليس عربيًا ولا عبرانيًا. وقد افترق أولاده، فكان إسماعيل أبا العرب وإسحاق أبا العبرانيين، وإسماعيل وإسحاق كلاهما غير عربي ولا عبراني. وقد ابتدأ ظهور العبرانيين بظهور
1 / 135