فصول في الثقافة والأدب
الناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
أيام، فعدت لأسأل: ما هي السماء؟
وسيعجب أكثر القرّاء ويقولون: ارفع رأسك في النهار ترَ فوقك بحرًا أزرق ما لأوله بداية ولا لآخره نهاية، فإن كان الليل صار ملاءة سوداء لا يدرك البصر طرفيها قد طُرِّزت بلآلئ مضيئة تلمع مثل النجوم. هذه هي السماء، فهل يجهل أحدٌ السماء حتى يسأل: ما هي السماء؟
* * *
ما هذا السقف الأزرق إلا الهواء. ولما أطلق الروس أول مركبة اخترقته زُلزلت عقول كنّا نحسبها أثبت من الجبال، وخفَّتْ أحلامٌ كانت أثقل من الرواسي، وكاد قوم يكفرون بعد إيمانهم، فحسبوا -جهلًا منهم- أنهم شاركوا الله في ملكه بما وصلوا إليه من العلم، وأنهم سيّروا في الفضاء قمرًا آخر مثل القمر.
وكنت أذيع يومئذ أحاديث دائمة من إذاعة دمشق، فقلت معلقًا على هذا الخبر: إنما مَثَلكم ومَثَل قمركم كجماعة من النمل كانت في قريتها في يوم عاصف، فحملت نملة منها قطعة من القش، ثم أفلتتها فحملتها الريح مسافة عشرة أمتار، فظنت النملة أنها صارت من الآلهة ... ولا إله إلا الله (١). وجاء بعد ذلك مَن يكتب أن العلم قد انتصر على الطبيعة وقهرها، فأذعتُ حديثًا آخر قلت فيه إن القشة ما طارت إلا بالقانون الطبيعي الذي طبع الله الكون عليه، وما يستطيع أحد أن يقهر الطبيعة، وإن قال ذلك سفاهة وجهلًا.
_________
(١) انظر مقالة «ما قَدَروا الله حقّ قدره» في كتاب «نور وهداية» (مجاهد).
1 / 120