حلالًا ولا يحرّم حرامًا، ولا يبالي إذا جاع من أين تجيء أكلته، ولا ينظر إذا اشتهى أين تقع نطفته، وهو -مع ذلك كله- لا يطيق أن يسمع قَوْلة في أهل الله والصالحين، ويرتجف غضبًا لله حتى لا يدري أين تقع غضبته، لأن الإسلام عنده هو التأدب مع أهل الله والتوجه إليهم والتماس بركاتهم!
وآخر مسلم متمسك قائم بالعبادات مبتعد عن المحرَّمات، ولكنه يقول بالشيوعية أو يتبع الماسونية، ويُؤْثر أخاه فيها ولو كان يهوديًا أو نصرانيًا على أخيه في الإسلام، ولا يرى في ذلك شيئًا!
وثالث صحيح العقيدة صادق المعاملة، لا ينتحل نحلة تخالف الإسلام، ولكنه لا يصلي ولا يصوم!
* * *
وإذا نحن تركنا آحاد الناس ونظرنا إلى الدعاة إلى الله، الذين نرجو بهم نصرة الإسلام وإعادة أهله إليه، لرأينا كثيرًا منهم مختلفين كذلك في تحديد الطريق الذي يوصل إلى الله، ولوجدنا للإسلام في نفس كل واحد منهم صورة تختلف عما في نفس الآخر، وإن كانوا جميعًا يدعون إليه.
هذا يرى الإسلام في اتّباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عند ما أفتى به متأخّرو فقهائه، ولو كانت هذه الفتوى مَبنيَّة على عُرف وتبدّل اليومَ هذا العرف، أو أُقيمت على اجتهاد وبدا وجهٌ أقوى لاجتهاد غيره تدعو إليه الحاجة وتستلزمه المصلحة؛ يَعُدّ الخروج على حاشية ابن عابدين خروجًا من
1 / 79