والإقبال على العلم والعبادة، ولكن سرى إليهم داء الاختلاف والجدال، فتفرقوا وأضاعوا وقتهم في المناقشات، وجعلوا بأسهم بينهم بدلًا من أن يكون بأسهم على عدوهم وعدو دينهم.
ومن هؤلاء المشايخ مَن نسي أن الدين بُني على خمس، هي الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج، ويتخذ لنفسه أصولًا يبدأ الشبّان بها ويبذل أكبر جهده في سبيلها، وقد تكون من فروع الفروع؛ كمن يأتيه الشاب الذي يجهل ما هو الإسلام فيعلمه أورادًا معينة من أوراد الطريقة قبل أن يعلمه أحكام الطهارة والصلاة، أو يلزمه بتطويل لحيته قبل تصحيح عقيدته، فيظن أن اللحية هي عماد الدين، فإذا طولها فسخر منه رفاقه أو ناله بالأذى مجتمعُه فحلقها، ظنّ أنه خرج من الإسلام بهدم عموده فترك الصلاة وأتى المحرمات.
فالإصلاح إذن يكون باجتماع هؤلاء العلماء، من سلفيين وصوفيين وآخذين بالحديث ومقلدين لأحد المذاهب، فإذا اجتمعوا نظروا في المسائل التي يختلفون عليها والمسائل التي يتفقون عليها، فما كانوا متفقين عليه تعاونوا جميعًا على الدعوة إليه، وما كانوا مختلفين فيه عرضوه على كتاب الله وسنة رسوله الثابتة الصحيحة، فإن كان شيء مخالفًا لذلك تركوه أو أعلنوا مخالفة من يقول به للإسلام، وما كان من المسائل الفرعية الاجتهادية التي ليست من أصول الدين ولا يضر الاختلاف فيه بقي كلٌّ على رأيه، ولكن لا يدعو إليه ولا يناقش فيه.
أي أننا نأخذ بكلمة أخينا الشهيد مجدّد الإسلام في هذا العصر، الشيخ حسن البنا ﵀، وهي أننا نتعاون فيما اتفقنا
1 / 63