فأي طريق للمقر بالإسلام إلى إنكار مذهبنا في ذلك، لولا أنهم بعداء من التوفيق مستمالون (1) بالخذلان.
وأمثال ما ذكرناه - لأن لم يكن قد جاء به القرآن - كثير، قد رواه أصحاب الأخبار وسطره في الصحف أصحاب السير والآثار:
من غيبات ملوك الفرس عن رعاياهم دهرا طويلا لضروب من التدبيرات، لم يعرف أحد لهم فيها مستقرا ولا عثر (2) لهم على موضع ولا مكان، ثم ظهروا بعد ذلك وعادوا إلى ملكهم بأحسن حال، وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند وملوكهم.
فكم (3) كانت لهم غيبات وأخبار بأحوال تخرج عن العادات.
لم نتعرض لذكر شئ من ذلك، لعلمنا بتسرع الخصوم إلى إنكاره، لجهلهم ودفعهم صحة الإخبار به وتعويلهم في إبطاله (4) على بعده من عاداتهم وعرفهم (5).
فاعتمدنا القرآن فيما يحتاج إليه منه، وإجماع أهل الإسلام، لإقرار (6) الخصم بصحة ذلك وأنه من عند الله تعالى، واعترافهم بحجة الاجماع.
لأن كنا نعرف من كثير منهم نفاقهم بذلك، ونتحقق استبطانهم (7) بخلافه، لعلمنا بإلحادهم في الدين واستهزائهم به، وأنهم كانوا ينحلون
صفحة ٨٨