معناه.
وليس يمكن أن يخرج عن عادة أزماننا هذه غيبة بشر لله تعالى، في استتاره تدبير لمصالح خلقه لا يعلمها إلا هو، وامتحان لهم بذلك في عبادته، مع أنا لم نحط علما بأن كل غائب عن (1) الخلق مستترا (2) بأمر دينه لأمر يؤمه (3) عنهم - كما ادعاه الخصوم - يعرف جماعة من الناس مكانه ويخبرون عن مستقره.
وكم ولي لله (4) تعالى، يقطع الأرض بعبادة ربه تعالى والتفرد من الظالمين بعمله، ونأى بذلك عن دار المجرمين وتبعد بدينه عن محل الفاسقين، لا يعرف أحد من الخلق له مكانا ولا يدعي إنسان له لقاء ولا معه اجتماعا.
وهو الخضر عليه السلام، موجود قبل زمان موسى عليه السلام إلى وقتنا هذا، بإجماع أهل النقل واتفاق أصحاب السير والأخبار، سائحا في الأرض، لا يعرف له أحد مستقرا ولا يدعي له اصطحابا، إلا ما جاء في القرآن به من قصته مع موسى عليه السلام (5)، وما يذكره بعض الناس من أنه يظهر أحيانا ولا يعرف، ويظن بعض من رآه (6) أنه بعض الزهاد فإذا فارق مكانه توهمه المسمى بالخضر، وإن لم يكن يعرف بعينه في الحال ولا
صفحة ٨٣