أجاب: «أرجو أن تكون فخامتكم سليما وفي مأمن!» «نعم! أنا بخير تماما، وسليم تماما. ماذا صارت إليه حال ذلك المتهور الأرعن؟»
أجاب صاحب الفندق: «إنه أحسن حالا. أغمي عليه فقط.»
قال السيد: «أصحيح ما تقول؟» «ولكنه استجمع كل قواه، قبل أن يفقد وعيه مباشرة، معلنا نزالك وتحديك، قائلا إنه لو حدث مثل ذلك الشيء في باريس، لجعلك تندم عليه أشد الندم.»
قال السيد: «إذن، فلا بد أن يكون أميرا متنكرا. ألم يذكر اسم أحد أثناء غضبه؟» «بلى. تحسس جيبه وقال سنرى ماذا يكون رد فعل السيد دي تريفي عن هذه الإهانة التي لحقت شخصا في حمايته.»
ردد الرجل المجهول باهتمام: «السيد دي تريفي!» ووضع يده على جيبه وهو ينطق باسم السيد دي تريفي، ثم أضاف: «والآن، يا عزيزي، ما دام هذا الرجل الصغير فاقدا الإحساس، فمن المؤكد أنك لم تفشل في معرفة ما في جيبه. ماذا كان به؟» «خطاب موجه إلى السيد دي تريفي قائد الفرسان.»
تمتم الرجل قائلا: «من يدري، ربما أرسل تريفي هذا الغسقوني الصغير ليعتدي علي! إنه أصغر من أن يفعل هذا، ولكن ضربة السيف هي ضربة السيف، مهما تكن سن الضارب! وعلاوة على هذا، فإن الشاب أقل عرضة لأن يشتبه فيه من الرجل الكبير.»
بعد ذلك، بقي يفكر مليا لبضع لحظات، ثم قال: «ألا يمكنك أن تتخلص من هذا الفتى المجنون؟ الحقيقة أنني لا أستطيع أن أقتله، ولكنه يضايقني. أين هو؟» «في حجرة بالدور الأول، حيث تضمد جراحه.» «هل معه أشياؤه وحقيبته؟ هل خلع صداره؟» «كل شيء في المطبخ. ولكن إذا كان يضايقك هذا الفتى الأرعن ...!» «من المؤكد جدا أنه يضايقني؛ فقد أحدث اضطرابا في فندقك، والناس المحترمون لا يحبون ذلك. اذهب، وأعد فاتورتي، وأخبر بها خادمي.» «ماذا، يا صاحب الفخامة؟ هل ستتركنا هكذا سريعا؟» «كنت تعلم أنني سأنصرف؛ إذ أعطيت الأوامر بإسراج حصاني، ألم تنفذ؟» «نفذت أوامرك حرفيا، كما قد تكون فخامتك قد لاحظت، وحصانك في الممر أمام الباب ، وعليه السرج.» «إذن، أحضر فاتورتي.»
انحنى صاحب الفندق بتواضع إثر لمحة آمرة من السيد، وغادر الحجرة.
تمتم الغريب لنفسه قائلا: «ليس من الضروري أن يرى هذا الشخص ميلادي؛ إذ سرعان ما ستكون هنا. لقد تأخرت فعلا. من الأفضل أن أمتطي الحصان وأسرع لملاقاتها، ولكني أود أن أعرف ماذا يحويه الخطاب الموجه إلى السيد دي تريفي.» ثم سار ببطء نحو المطبخ.
في الوقت نفسه، صعد صاحب الفندق إلى دارتانيان، فوجده قد استعاد وعيه لتوه، فأخبره بأن الشرطة ستعامله بقسوة لعراكه مع لورد عظيم - إذ يبدو من هيئة الرجل أنه لا يمكن أن يكون سوى لورد عظيم - وأصر على وجوب انصراف دارتانيان بأسرع ما يمكن. ونزل دارتانيان وهو لا يزال شبه فاقد للوعي، ورأسه مضمد، إلى الطابق الأرضي. ولما أطل من النافذة، أبصر السيد المجهول يتحدث بهدوء إلى شخص ما في عربة يجرها حصانان جميلان.
صفحة غير معروفة