فذلك داخل تحت قوله: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجدٍ﴾، ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾؛ فذلك طاعة الله. وإن كنت لبستها لأباهي؟ بها الأغنياء، ولأغايظ بها الفقراء، فهي معصية. ولا يمكنني أن أقول مفصحًا «إني لبستها أريد بلبسي لها الجهة المحمودة»، فأكون مزكيًا لنفسي؛ والله تع يقول: ﴿فلا تزكوا أنفسكم﴾. ولا أقول «لبستها للجهة المذمومة»، فأكون قد فضحت نفسي، وقد نهاني الله عن ذلك بقوله: لا يزال العبد في ستري ما ستر على نفسه؛ وقال النبي صلعم: من أتى من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله.
قال حنبلي: قد أخل أبو الهذيل في تقسيمه بقسم يخلو من طاعة ومعصية. وهو أن يلبسها للذة نفسه: إما لدفع البرد، أو الحر؛ من غير أن يخطر بباله ستر عورة، أو قصد زينة لمسجد، أو إظهار نعمة الله، أو مباهاةً لأحدٍ، أو قصدًا لمغايظة أحد. ولا يمكنه أن يقول إنه ليس لنا فيما يقع من أفعالنا حالة ذهول عن الأمرين اللذين ذكرهما؛ مثلك حالة الطلاق. اللهم إلا أن يقول لا يجوز له أن يلبس إلا بنية، وأن لا يخلو من قصد المباهاة. فذلك مكاثرة لما نجده من نفوسنا من الحال الثالثة: وهي حال غفلتنا عن القسمين اللذين ذكرهما.
٦٦ - أخبرنا شيخنا القاضي الإمام أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء بالإجازة، وهي عندي عظة مع سماعي منه كثير ما عنده، قال: أخبرنا عيسى
1 / 56