أصول الإنشاء والخطابة

ابن عاشور ت. 1393 هجري
20

أصول الإنشاء والخطابة

محقق

ياسر بن حامد المطيري

الناشر

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

فيدخل في قوله: (وما أشبه ذلك) ما ذكرناه هنا. وقد بَسَط هذا وكرَّرَه في مواضع من (دلائل الإعجاز). وقال التفتازاني في شرح قول المفتاح: (وأصل الحُسْنِ في جميع ذلك أن لا تكون المعاني توابعَ الألفاظ) ما نَصُّه: "إن المعاني إذا تُرِكت على سَجِيَّتِها طَلَبت لأنفسها ألفاظًا تليق بها، فيحسن اللفظ والمعنى جميعًا، وإذا أتي بالألفاظ متكلَّفةً وجُعِلت المعاني تابعةً لها فات الحُسْنُ لفوات ما هو المقصِد الأصلي والغَرَض الأوَّلي، بل ربما صارت جِهَةُ حُسْنِ الكلام جِهَةَ قبحٍ لكون الكلام كظاهرٍ مُمَوَّه على باطن مُشَوَّه". فيجب على المتعلِّم الاهتمامُ أول الأمر بإيجاد المعاني، والبحث عن الحَسَن منها، ومحاولةُ التعبير عن الحوادث والصِّفَات ومظاهر المخلوقات، فإنَّ ذلك أسهلُ تناولًا، ثم يرتقي إلى التعبير عن الوجدانيَّات النفسيَّة، ثم إلى التعبير عن الحقائق الحِكْمَيَّة ونحوها. ولا ينبغي للمتعلِّم أن يجعل جُلَّ عِنَايته باقتباس آثار الكاتبين ونَقْل معانيهم؛ لأنَّ اعتماد ذلك يُصَيِّرُه غيرَ قادرٍ على مجاوزة معاني السَّالفين، نعم، يجوزُ له ذلك في ابتداء التعلُّم، إذا لم يستطع في وقتٍ من الأوقات إحضارَ معنى، أن يأخذَ رسالةً أو شِعْرًا فيحوي معانيه دون ألفاظِه، ثم يكلِّف نفسَه التعبيرَ عنه، ولا بد أن يكون ذلك مرادَ ابنِ الأثير في كتابه (الجامع الكبير) إذ قال: "يجب على المبتدئ في هذا الفنِّ أن يأخذَ رسالةً من الرَّسائل، أو قصيدةً من الشِّعْر، ويقفَ على معانيها، ويتدبَّر أوائلَها وأواخرها، ويقرِّر ذلك في قلبه، ثم يكلِّف نفسَه عمل مثلِها

1 / 63