الكعبة، والذبح للأصنام، بينما كان ثمامة في بعض طريقه قريبًا من المدينة، نزلت به نازلة لم تقع له في الحسبان، وذلك أنّ سرية من سرايا النبي ﷺ كانت تجوس خلال الديار؛ خوفًا من أن يطرق المدينة طارق، أو يريدها معتدٍ بشر، فأسرت السرية ثمامة وهي لا تعرفه، وقد أهدر النبي ﷺ دمه، أتت السرية بثمامة إلى المدينة وشدته إلى سارية من سواري المسجد ينتظرون النبي ﷺ أن يقف عليه بنفسه، وعلى أسيرهم، وأن يأمر له بأمره.
لمّا خرج رسول الله ﷺ إلى المسجد وهمَّ بالدخول، فإذا به يرى ثمامة مربوطًا في السارية، فقال لأصحابه: أتدرون من أخذتم؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال ﷺ: هذا ثمامة بن أثال الحنفي، هذا ثمامة ملك من ملوك العرب، وسيد من سادات بني حنيفة، قال النبي ﷺ لهم: أحسنوا إساره، ثم رجع ﵊ إلى أهله، وقال: اجمعوا ما كان عندكم من طعام وابعثوا به لابن أثال.
ثم أمر بناقته أن تحلب له بالغدو والرواح، وأن يقدّم إليه لبنها، وقد تمَّ ذلك كله قبل أن يلقاه ﵊، أو يكلمه بكلام، ثم إنه أقبل ﵊ على ثمامة يريد أن يستدرجه إلى الإسلام، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال بكل ثقة واعتزاز: عندي يا محمد خير، فإن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد مالًا فسلْ تعط منه ما شئت.
تركه النبي ﷺ يومين على هذا الحال، يؤتَى له بالطعام والشراب، ويكرم أيما إكرام، ويحلب له من لبن ناقة النبي ﷺ ثم أتاه بعد يومين فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال ثمامة كلامًا لم يزد عليه شيئًا، قال: ليس عندي إلّا ما قلت لك من قبل، فإن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد مالًا فسلْ تعط منه ما شئت، التفت النبي ﷺ إلى أصحابه وقال: فكوا وثاقه، فكوا وثاق
1 / 208