179

أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة

الناشر

جامعة المدينة العالمية

تصانيف

بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني عشر
(تابع هدي النبي ﷺ في تريبة أصحابه)
أثر شخصية الرسول ﷺ في تربية أصحابه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن استن بسنته وسار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
أثر شخصية النبي ﷺ في تربية أصحابه:
لقد كان لشخصية الرسول ﷺ عظيم الأثر في شخصية أصحابه -رضوان الله عليهم، فكان الرسول ﷺ بالنسبة لهم، الإنسان الكامل الذي يسعى كل واحد منهم إلى الوصول سماته وصفاته، ولقد كان النبي ﷺ حريصًَا على ترسيخ القيم والمبادئ السامية في نفوسهم وقلوبهم، وكان ذلك أولًا بالفعل قبل القول؛ لأنّ الفعل أرسخ في النفوس، وأقدر على التعبير، ومن ذلك ما يأتي:
معاملته لأصحابه:
يقول أنس خادم رسول الله ﷺ: «خدمت النبي ﷺ عشر سنين، فما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لشيء صنعته لم صنعته، ولا لشيء تركته لم تركته»، وقالت عائشة ﵂: «ما ضرب شيئًا قط، ولا ضرب امرأة ولا خادمًا».
وقال أبو هريرة ﵁: «دخلت السوق مع رسول الله ﷺ ليشتري سراويل، فوثب البائع إلى يد النبي ﷺ ليقبّلها، فجذب يده ومنعه قائلًا: هذا تفعله الأعاجم بملوكها، ولست بملك، إنما أنا رجل منكم، ثم أخذ السراويل، فأردت أن أحملها فأبى، وقال: صاحب الشيء أحق بأن يحمله».
وكان ﵊ مرة في سفر مع جماعة، فلمّا حان موعد الطعام عزموا على إعداد شاة يأكلونها، فقال أحدهم: عليّ ذبحها، وقال الآخر: عليّ سلخها، وقال الثالث: عليّ طبخها، فقال النبي ﷺ: وعليّ جمع الحطب، فقالوا: يا رسول الله، نحن نكفيك العمل، فقال: علمت أنكم تكفونني، ولكنني أكره أن أتميز عليكم، وأن الله ﷾ يكره من عبده أن يراه مميزًا بين أصحابه.

1 / 201