خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
نعم لا ينكر أن يكون المسلمون دائمي الحذر واليقظة، وأن لا يحسنوا الظن بعدوهم، وأن يكونوا على قدر كبير من الوعي بالعالم من حولهم، والنظرة الثاقبة للأساليب الخفية التي تحاك لتدمير الأخلاق، وشيوع الفساد، لكن تهويل الأمور والوسوسة بكل شيء حوله ليس من الوعي في شيء، ولا من اليقظة في شيء.
٥ - التهويل في الحكم على الأشخاص كالحكم على ظالم معين بأنه من أهل النار، أو أنه ملعون، أو أكفر من فرعون وهامان، أو الحكم لشخص معين بأنه شهيد قطعا، أو أنه يتقلب في الجنة، ونحو ذلك من الأحكام القاطعة التي تتنافى مع عقيدة المسلم وثوابته، وتتعارض مع منهج الإسلام الذي يوجب العدل في الرضا والغضب، والقصد في الحب والبغض، وأن لا يجزم لأحد بجنة أو نار إلا من ثبت فيه نص.
عن علي ﵁ أنه قال: هل تدري ما قال الأول؟ أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما (١) .
وعن عمر ﵁ قال: لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا، فقلت: كيف ذاك؟ قال: إذا أحببت كلفت كلف الصبي، وإذا أبغضت أحببت لصاحبك التلف (٢) .
ومن هذا التهويل المبادرة إلى التكفير، والتفسيق، والتسرع في التبديع والتأثيم، والقول: والله لا يغفر الله لفلان، وفلان لا يشم رائحة الجنة، ونحو ذلك من الألفاظ والأحكام التي فيها تأل على الله تعالى، وقول عليه بغير علم، ومنه كذلك اعتماد أسلوب التهييج، والتحميس الزائد عن الحد لقضية لا تستحق مثل هذا.
_________
(١) رواهما البخاري في الأدب المفرد (١٣٢٨- ١٣٢٩) .
(٢) رواهما البخاري في الأدب المفرد (١٣٢٨- ١٣٢٩) .
1 / 70