خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وخلاصة القول في هذا الباب أن " المقدمة أول ما يطرق الأسماع من الخطبة، فإن كانت جيدة أصغى السامعون، وتأهبوا لما بعدها، وتفتحت نفوسهم للخطيب، وإلا كانت نذيرا بفشله وتفاهة أثره " (١) .
فليجتهد الخطيب في تحضير المقدمة، والتمهيد للموضوع جهده، أما التزام بعض الخطباء بخطبة الحاجة الواردة عن النبي ﷺ في بداية كل خطبة فليس بلازم، وليست السنة كذلك، فإن النبي ﷺ لم يلتزم به في كل خطبة، فهذه خطبة الوداع أشهر خطبه ﷺ وأكثرها مستمعين لم ينقل أنه بدأها بخطبة الحاجة، عن ابن عباس ﵄ «أن رسول الله ﷺ خطب الناس في حجة الوداع فقال: " إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروه. . .» الحديث " (٢) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في بيان هديه ﷺ في خطبه: «كانت خطبة النبي ﷺ يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه» وفي لفظ: «يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول: " من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله» .
وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد: " أما بعد " (٣) .
إذا فالسنة أن يبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله، ثم يصلي على النبي ﷺ، وأحيانا يبدأ بخطبة الحاجة، ويبدأ بغيرها من الحمد والثناء والصلاة على النبي ﷺ أحيانا أخرى.
_________
(١) فن الخطابة (ص ١١٧) .
(٢) رواه البخاري (الفتن - ٨ / ٩١)، ومسلم (الإيمان- ٦٦)، وكذلك رواه جابر ﵁ في روايته المشهورة لحجة النبي ﷺ، ورواه أبو بكرة كذلك ﵁.
(٣) خصائص الخطبة والخطيب (ص ٩٥) .
1 / 48