الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
تصانيف
وحب الثناء والمدح، فإن ما صاحبها يدخل في باب المحظورات.
وقد تكون أحيانًا من باب المباحات، ولكنها إذ تؤدي إلى احتقار صاحبها وغيبته وازدرائه فإنها تخرج صاحبها بسبب من ذلك إلى دائرة المحظورات، فمثلًا لو وقعت من إنسان تمرة فأهملها فرآها إنسان فأخذها فطالب الأول الآخر بها فذلك طلب مباح في الأصل ولكنه مخل بالمروءة.
إن موضوع الأريحيات والمروءات عميق في الفطرة البشرية وهو يختلف من شعب إلى شعب في القوة والضعف وفي السعة والضيق، ولعل العرب من أكثر الشعوب تأثرًا بهذه الموضوعات، وقد يكون ذلك من حكم اختيارهم لحمل الرسالة الإسلامية، فهذه الرسالة تحتاج إلى نوع من النفسيات تهزها الأريحية والمروءة، وتبقى مشدودة، إلى كل كمال. وما أظن شعبًا تهزه المروءات والأريحيات يسبق الشعب العربي في ذلك، وادرس أدب هذا الشعب نثرًا وشعرًا لترى أن الحديث عن الأريحيات والمروءات يشكل جزءًا كبيرًا من أدبه.
ورسول الله ﷺ كان له في هذا القدم الأعلى، ألا ترى أن الله حرم عليه وعلى آل بيته الأكل من الصدقات ..
١٠ - * روى البخاري في صحيحه ما قالته خديجة له يوم رجع بالوحي وأخبرها أنه قد خشي على نفسه فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا: إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، تحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
ولقد قال ابن الدغنة وهو مشرك لأبي بكر يوم فكر في الهجرة إلى الحبشة الكلمات نفسها وأجاره، مما يشير إلى أنه قد استقر في ضمير العرب أن هذه المعاني من مكارم الأخلاق التي ترفع صاحبها وتجعله أهلًا للحرص عليه.
* * *
إن الإسلام والذوق والمروءة مترادفات، ومتكاملات فإذا تعارض ما ظنه الناس ذوقًا
_________
١٠ - البخاري (١/ ٢٣) ١ - كتاب الوحي.
1 / 52