الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
تصانيف
لقد اتهمه المنافقون بأنه شديد الإصغاء ويستطيع كل إنسان أن يؤثر عليه فأكد الله أنه كثير الإنصات حتى شبهه بالأذن، إلا أنه يعرف من يصدق وأن إنصاته رحمة للمؤمنين أما أن يستجره أحد لموقف غير صحيح فلا:
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ (١).
ولدقة السياسات النبوية قلنا: إنها تحتاج إلى علم لتعرف وإلى ذكر ليستطيعها الإنسان ولذلك قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (٢) فمن لم يكن له ذكر كثير فإن اتِّباعه قليل.
في الشريعة فرائض وواجبات وسنن وآداب، وفيها محرمات ومكروهات، وهي مع تحديدا لهذه الأمور بشكل صريح أو ضمني يعرف من النصوص مباشرة أو بشكل غير مباشر، فهي قد وضعت أصولًا لضبط التعامل مع الرأي العام مما يدخل في ما يصطلح عليه الناس: الذوق ومراعاة الرأي العام.
وهذه قضية تغيب عن الكثيرين حتى إنك لتجد بعض المتدينين المتشددين يسقطون قضايا الذوق ومراعاة عواطف الناس ومشاعرهم، حدثني بعض شيوخنا أنه كان في جلسة علمية فامتخط إنسان وألقى بمخاطه على الأرض بشكل جاف، فاستعمل شيخنا حق الشيخ في التأديب فنبهه على ذلك فسأله التلميذ: أعندك نص في عدم الجواز
فهذا نموذج على نمط من التفكير يلغي قضايا الأذواق ومراعاة الرأي العام.
* * *
ولا شك أن الأذواق قد تمرض وأن الرأي العام قد يكون ضالًا مضللًا، وإذا كان أهل السنة والجماعة لا يعتبرون العقول نفسها ميزانًا للتحسين والتقبيح، فمن باب أولى ألا تعتبر الشريعة الأذواق والرأي العام ميزانين، خاصة وهما مرتبطان إلى حد كبير بالعواطف،
_________
(١) الحجرات: ٣.
(٢) الأحزاب: ٢١.
1 / 50