177

القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

الناشر

دار الحضارة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م

تصانيف

٢ - قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)﴾ (النجم). قال ابن القيم ﵀: «ولما ذَكَر رؤيته لجبريل عند سِدْرَة المُنْتَهَى، استطرد منها، وذكر أن جنة المأوى عندها، وأنه يغشاها من أَمْرِه وخَلْقِه ما يغشى، وهذا من أحسن الاستطراد، وهو أسلوبٌ لطيفٌ جدًّا في القرآن؛ وهو نوعان: أحدهما: أن يَسْتَطْرِد من الشيء إلى لَازِمه، مثل هذا، ومثل قوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)﴾ (الزخرف)، ثم استطرد من جوابهم إلى قوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ (الزخرف)، وهذا ليس من جوابهم، ولكن تقرير له وإقامة الحجة عليهم. ومثله قوله تعالى: ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)﴾ (طه)، فهذا جواب موسى، ثم استطرد سبحانه منه إلى قوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (٥٤) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥)﴾ (طه)، ثم عاد إلى الكلام الذي استطرد منه.

1 / 184