أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة
الناشر
جامعة المدينة العالمية
تصانيف
ولن يستطيع الإنسان أن يُحقِّق هذه الأمور بنفسه، أو أن يَمضيَ في الحياة مُعتمدًا على عَقله فقط، أو أن يَسير وفْق رغباته ونَزواته وتَبَعًا لأهوائه؛ فكان من رَحمة الله بالبَشر أن أرسل لهم الأنبياء والمرسلين، وأيّدهم بالوحي والمعجزات، ليدْعُوا الناس إلى الطَّريق المُستقيم. قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ (النساء:١٦٥).
هذا، ولقد ظهرت حاجةُ البشرية الشديدة للدّعوة إلى الله، التي تَرتكز على وحْي السماء، ورسالات الأنبياء، وسلوك الأتقياء، وذلك للأسباب التالية:
أولًا: إن الصراع بين الإنسان والشيطان لن يَنطفئ لهيبُه، ولن تَخمد جَذوته. فمنذ أن خلَق الله آدم ﵇ وأمَر الملائكة بالسجود له، -سجود تحية وتكريم، لا سجود عبادة-، فامتثلوا لأمْره ﷾، إلاّ إبليس الذي أنكر وأعرض، وأدبر واستكبر، وهدَّد وتوعّد، فأُخرِج من الجَنة صاغِرًا ذليلًا. قال تعالى: ﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (الأعراف:١٣ - ١٨).
وبهذا أصبحت الكرة الأرضية مَيدانًا فَسيحًا وساحةً رَحبة للنِّزال بين الإنسان والشيطان. ولو تُرك الإنسان في هذه المَعركة وَحْده دون وحيٍ من السماء يَحفظُه، ويُرسل الله الرسل لتُرشِده، والدعاة ليُحذِّرونَه، لتمكَّن الشيطان منه،
1 / 12