شيئًا، ولسنا مطالَبين بالتصديق بوجودهم، إذ ليس مع أتباعهم ما يُفيد ذلك سوى أخبار يَنقصها التوثيق العلْمي وصحة السّند وصدْق الخبر.
أمّا الإسلام العظيم، فقد تفرّد بمعجزة خالدة باقية محفوظة، حتى يرِثَ الله الأرض ومَن عليها، لا ترتبط بمكان مُحدّد ولا زمان مُعيّن؛ إنه القرآن الكريم. "كتاب الله المُنزَل على رسوله ﷺ، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلًا متواترًا بلا شبهة". وقيل في تعريفه:
"كتاب الله المُنزَل على سول الله ﷺ، المتعبَّد بتلاوته، المُعجِز ببلاغته، المتحدَّى به الإنس والجنّ".
ولاستمرار خلودِه، وبقائه وصوْنه ممّا نزل بالكتب السابقة، فقد توافرت أمور عدّة وضمانات كثيرة لم تتوافر لغيره، ومن ذلك ما يلي:
أولًا: تعهّد الله بحفْظه، فلم يَلحقْ به ما لحق بالكتب الأخرى، قال تعالى: ﴿اِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحِجر:٩).
ثانيًا: تيسير الله سُبُل حفْظه، وإعانته على بقائه في صدور الحفَظة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (القمر:١٧).
ثالثًا: أمَر الله باستمرار تلاوته، قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ (المزَّمل:٤).
رابعًا: إعانة الله على جمْعه وقراءته وتسهيل طُرق بيانه. قال تعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (القيامة:١٦ - ١٩).
خامسًا: مضاعفة أجْر وثواب من يقرؤه، وكذلك من يستمِع إليه؛ وقد وردت في ذلك كثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية.
1 / 219