187

الفصل في الملل والأهواء والنحل

الناشر

مكتبة الخانجي

مكان النشر

القاهرة

يكون نَبِي بِغَيْر حُرْمَة إِلَّا فِي وَطنه وَبَين عشيرته وَفِي أهل بَيته وَلَيْسَ كَانَ يقوى أَن يفعل هُنَالك آيَة لَكِن وضع يَدَيْهِ على مرضى قَلِيل فأبرأهم وَفِي الْبَاب الثَّامِن من إنجيل لوقا فَلَمَّا دخل وَالِد الْمَسِيح الْبَيْت وَبعد هَذَا بِيَسِير قَالَ فَكَانَ يعجب مِنْهُ أَبوهُ وَأمه وَبعده بِيَسِير قَول مَرْيَم أمه لَهُ فقد طَلَبك أَبوك وَأَنا مَعَه وَفِي الْبَاب السَّابِع مِنْهُ أَقبلت إِلَيْهِ أمه وَإِخْوَته وَفِي الْبَاب الثَّامِن عشر من إنجيل يوحنا وَبعد هَذَا نزل إِلَى كفرنا حوم وَمَعَهُ أمه وَإِخْوَته وتلاميذه
وَفِي الْبَاب السَّابِع من إنجيل يوحنا وَكَانَ إخْوَته لَا يُؤمنُونَ بِهِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي هَذِه الْفُصُول ثَلَاث طوام نذكرها طامة طامة إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَولهَا اتِّفَاق الأناجيل الْأَرْبَعَة على أَنه كَانَ لَهُ وَالِد مَعْرُوف من النَّاس وإخوة وأخوات سمى الْإِخْوَة بِأَسْمَائِهِمْ وهم أَرْبَعَة رجال سوى الْأَخَوَات وَلَا يعول فِي ذَلِك إِلَّا على إِقْرَار أمه بِأَن لَهُ والدًا طلبه مَعهَا وَهُوَ يُوسُف الْحداد أَو النجار فَأَما أمه فقد اتفقنا نَحن وَالْيَهُود وَجُمْهُور النَّصَارَى على أَنَّهَا حملت بِهِ حمل النِّسَاء وولدته كَمَا تَلد النِّسَاء أَوْلَادهنَّ إِلَّا طَائِفَة من النَّصَارَى قَالَت لم تحمل بِهِ وَلَكِن دخل من أذنها وَخرج من فرجهَا فِي الْوَقْت كَالْمَاءِ فِي الْمِيزَاب وَلَكِن بَقِي علينا أَن نَعْرِف كَيفَ تَقول أمه ﵍ عَن النجار أَو الْحداد أَنه أَبوهُ ووالده فَإِن قَالُوا إِن زوج الْأُم يُسمى فِي اللُّغَة أَبَا قُلْنَا هبكم أَن هَذَا كَذَلِك كَيفَ الْعَمَل فِي هَؤُلَاءِ الَّذين اتّفقت الأناجيل على أَنهم إخْوَته وأخواته وَإِنَّمَا هم أَوْلَاد يُوسُف النجار أَو الْحداد وَمَا وجد قطّ فِي اللُّغَة العبرانية أَن ولد الربيب من غير الْأُم يُسمى أَخا إِلَّا أَن يَقُولُوا إِن مَرْيَم ولدتهم من النجار فقد قَالَ هَذَا طَائِفَة من قدمائهم مِنْهُم يليان مطران طليطلة وَنحن نبرأ إِلَى الله تَعَالَى مِمَّا يَقُول هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة أَن يكون لآله معبود أم أَو خَال أَو خَاله أَو ابْن خَالَة أَو ربيب أَو أَخ أَو أُخْت وتبًا لعقول يدْخل هَذَا فِيهَا من أَن لله تَعَالَى ربيبًا هُوَ زوج أمه وَلَيْسَ يُمكنهُم أَن يَقُولُوا إِنَّمَا أَرَادَ كتاب الْإِنْجِيل أَنهم إخْوَته فِي الْإِيمَان وَالدّين لِأَن يوحنا قد رفع الْإِشْكَال فِي ذَلِك وَقَالَ وَمَعَهُ إخْوَته وتلاميذه فجعلهم طبقتين وَقَالَ أَيْضا إِن إخْوَته كَانُوا لَا يُؤمنُونَ بِهِ وتالله لَوْلَا أَنا شاهدنا النَّصَارَى مَا صدقنا أَن من يلْعَب بقذره وَمَا يخرج من سفله يصدق بِشَيْء من هَذَا الْحمق وَلَكِن تبَارك من أرانا بِهَذَا أَنه لَا ينْتَفع أحد ببصره وَلَا بسمعه وَلَا بتمييزه إِلَّا أَن يهديه خَالق الْهدى والضلال نسْأَل الله الَّذِي هدَانَا لملة الْإِسْلَام الْبَيْضَاء الْوَاضِحَة السليمة من كل مَا ينافره الْعقل أَن لَا يضلنا بعد إِذْ هدَانَا حَتَّى نَلْقَاهُ على مِلَّة الْحق ونحلة الْحق وَمذهب الْحق ناجين من خلل الْكفْر وَنحل الضلال ومذاهب الْخَطَأ وَفِي كل مَا أوردناه بَيَان وَاضح فِي أَن الَّذين ألفوا الأناجيل كَانُوا عيارين مستخفين بِمن أضلوه متلاعبين بِالدّينِ والطامة الثَّانِيَة إقرارهم بِأَن الْمَسِيح لم يكن

2 / 30