تسيل يمنة ويسرة ومن شان البرد ان يمنع من النمو والنبات ومن شان الأرضية ان تجذب إلى أسفل، واما علل الألوان فإنما هي الصباغ البدن بما يغلب عليه وينصب إلى ظاهره من المزاجات الأربعة عند " كون الجنين " (1) فمن غلبت عليه الصفرا كان مصفرا ومن غلبت عليه السودا كان مسودا، وكذلك الدم والبلغم يصبغان على ألوانهما، ولما غلبت على الروم والصقالبة وأرمينية البرد هربت حرارتهم إلى باطن الأبدان فجمدت رطوباتهم لذلك وابيضت ألوانهم واحمرت ولذلك سبطت شعورهم واصهابت " وسأشرح ذلك القول في المعنى فيما بعد أن شاء الله " الباء الخامس عشر في علة اللحية والشيب والصلع وشباب الحيوانات، العلة في ذلك أن البخارات التي ترتفع إلى رؤوس الأجنة في الرحم تنعقد فيها لصلابة عظم الرأس فينبت منها الشعر، فاما أبدانهم فإنها كثيرة الرطوبة وما يتحلل من تلك الرطوبة لطيف جدا رقيق فلا ينبت لذلك على أبدانهم الشعر القوى، وذلك كأبدان النساء والخصيان والترك وأشباههم وكالأرض التي أفرطت رطوبتها قل نبتها و ضعف، ولذلك لا تنبت لحى الخصيان حتى إذا قويت حرارتهم و اعتدلت الرطوبة فيهم اخضرت حينئذ شواربهم ثم لا يزال تصعد إليها بخارات حارة رطبة حتى تنبت اللحية كما تنبت الشعوب على رؤوس الجبال لارتفاع بخارات المياه التي في بطونها إليها، فان خصي الصبي تشنجت وانسدت مجاري تلك الرطوبات والحرارات وانقطع ما كان يصعد إلى الذقن من البخارات ولم تنبت له لحية، وذلك كالشجرة
صفحة ٥١