وعروق متصلة بالدماغ والقلب، فإذا هاجت الشهوة التي جعلها الله غريزة في الانسان وسائر الحيوان هاجت حينئذ الحرارة اما لفكرة الرجل واما لمعاينة النساء أو ملامستهن، فيتحرك عند ذلك النفس لطلب شهوتها ويسخن البدن وتدر العروق وتجرى الريح في الذكر فينتفخ بها وينتشر، فإذا لامس الذكر جسما حارا لينا واحتك به حدثت منه دغدغة لذيذة كما يحدث أحيانا من التمريخ والغمز، فيسخن العصب كله ويجرى لذلك الزرع من البدن كله ويندفع إلى فقار الظهر ومن هناك إلى الكليتين ومن الكليتين إلى الأنثيين ثم إلى الذكر ويختلط في الرحم بزرع المرأة وتحبل من بينهما الجنين، ولذلك يشبه الولد والديه كما يشبه الدواب والطير أباها في ألوانها وصورها وأصواتها وسائر أفاعيلها، وكما يشبه ما ينبت من نوى التمر النخلة، وما ينبت من عجم العنب الكرم في لونه و طعمه ورائحته وقواه كلها، وانا لنجد ذلك في السمسمة والخردلة بل في كل مزروع ومولود، وانما الزرع دم نضيج، وأفضله الأبيض المعتدل، فاما ما رق منه أو غلظ جدا أو تغير لونه فإنه فاسد، والدليل على أنه دم وعلى ان أفضله ما يخرج من الدماغ ان من أكثر من الجماع خرج منه زرع مثل الدم، ومن قطع منه عرق خلف اذنه لم يولد له، فيما ذكر أبقراط، وقد أنكر جالينوس ذلك، وخطأ قوله، ومن اختصم وحده كانت الغلبة له، والرحم فيما قالوا متصلة بها عروق من الدماغ والقلب و الكبد ، ولذلك يشركها هذه الأعضاء في وجعها، وموضع الرحم عند اخر فقار الظهر بين الأمعاء والمثانة، ولها فم كهيئة الإحليل، و طولها ستة أصابع إلى أحد عشر إصبعا، وفي آخر فمها بيضتان، ولها عصبتان نابتتان من داخل يسميان قرني الرحم، وبهما يجذب الرحم الزرع إلى داخل، وفيها ثلاثة أوعية، واحد على يمينها،
صفحة ٣١