جهة التعليم انها جسم محرق مضئ يذهب علوا، وحدها من جهة الطباع انها عنصر لطيف دائم الحركة، الباب الرابع في تعادي هذه الطبائع والرد على من ذكر ان الهواء بارد، وهذه الطبائع متعادية متضادة، وأشد تعاديها ما كان من وجهين والطرفين جميعا، كالنار التي هي مضادة بحرارتها ويبسها لبرودة الماء ورطوبته، والهواء الذي هو مضاد بحرارته ورطوبته لبرودة الأرض ويبسها، وإذا كان التعادي من أحد الوجهين كان أيسر كالهواء الذي يضاد الماء بحره ويوافقه برطوبته ولذلك جعل الله الهواء حاجرا بين الماء والنار وجعل الماء حاجرا بين الأرض و الهواء، والدليل على تضادهما وتعاديهما فعل الماء بالنار إذا التقيا، وفعل الصيف بالشتاء، فان الحر إذا ظهر في الهواء بطن البرد في بطن الحيوان والأرض، فبردت. لذلك مياه القنى والابار، وإذا ظهر البرد بطن الحر في القني والابار فسخنت. مياهها، قال الفيلسوف ومن جعل الهواء باردا فقد أبطل لأنه جسم خفيف، وان كانت علة خفته البرد فما بال الأرض ليست خفيفة وهي أيضا باردة، وان كانت علة خفته الرطوبة فما بال الماء ليس بخفيف مثله وهو أيضا رطب، فخفة الهواء ولطافته اذن من الحرارة لامن غيرها، لكن الذي يلينا من الهواء هو أبرد لقربته من الأرض والماء، والذي يلي الأثير وهو محل النار فإنه حار يابس ملهب لأنه يدور ويتحرك ابدا لقربته من الفلك الدائر، وما كان من الهواء متوسطا بين الموضعين فهو حار رطب، وهذه صورة دائرة يتبين بها كيف تتواصل وتتمازج هذه الطبائع المتعادية بعضها ببعض حتى يحدث منها هذا لخلق العظيم
صفحة ١٣