فرق الشيعة
الناشر
دار الأضواء
سنة النشر
1404هـ - 1984م
مكان النشر
بيروت
وقالت الفرقة الثانية عشرة وهم الأمامية ليس القول كما قال هؤلاء كلهم بل لله عز وجل في الأرض حجة من ولد الحسن بن علي وأمر الله بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الأول والسنن الماضية ولا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام ولا يجوز ذلك ولا تكون إلا في غيبة الحسن بن علي إلى أن ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت أمور الله تعالى ولو كان في الأرض رجلان لكان أحدهما الحجة ولو مات أحدهما لكان الآخر الحجة ما دام أمر الله ونهيه قائمين في خلقه ولا يجوز أن تكون الإمامة في عقب من لم تثبت له إمامة ولم تلزم العبادية حجة ممن مات في حياة أبيه ولا في ولده ولو جاز ذلك لصح قول أصحاب إسماعيل بن جعفر ومذهبهم ولثبتت إمامة محمد بن جعفر وكان من قال بها محقا بعد مضي جعفر بن محمد وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة أسبابه وجودة إسناده ولا يجوز أن تخلو الأرض من حجة ولو خلت ساعة لساخت الأرض ومن عليها ولا يجوز شيء من مقالات هذه الفرق كلها فنحن مستسلمون بالماضي وإمامته مقرون بوفاة معترفون بأن له خلفا قائما من صلبه وأن خلفه هو الإمام من بعده حتى يظهر ويعلن أمره كما ظهر وعلن أمر من مضى قبله من آبائه ويأذن الله في ذلك إذ الأمر لله يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد من ظهوره وخفائه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام اللهم إنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ظاهرا معروفا أو خائفا مغمودا كيلا تبطل حجتك وبيناتك وبذلك أمرنا وبه جاءت الأخبار الصحيحة عن الأئمة الماضين لأنه ليس للعباد أن يبحثوا عن أمور الله ويقضوا بلا علم لهم ويطلبوا آثار ما ستر عنهم ولا يجوز ذكر اسمه ولا السؤال عن مكانه حتى يؤمر بذلك إذ هو عليه السلام مغمود خائف مستور بستر الله تعالى وليس علينا البحث عن أمره بل البحث عن ذلك وطلبه محرم لا يحل ولا يجوز لأن في إظهار ما ستر عنا وكشفه إباحة دمه ودمائنا وفي ستر ذلك والسكوت عنه حقنهما وصيانتهما ولا يجوز لنا ولا لأحد من المؤمنين أن يختاروا إماما برأي واختيار وإنما يقيمه الله لنا ويختاره ويظهره إذا شاء لأنه أعلم بتدبيره في خلقه وأعرف بمصلحتهم والإمام عليه السلام أعرف بنفسه وزمانه منا وقد قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام وهو ظاهر الأمر معروف المكان لا ينكر نسبه ولا تخفى ولادته وذكره شايع مشهور في الخاص والعام من سماني باسم فعليه لعنة الله ولقد كان الرجل من شيعته يتلقاه فيحيد عنه وروي عنه أن رجلا من شيعته لقيه في الطريق فحاد عنه وترك السلام عليه فشكره على ذلك وحمده وقال له لكن فلانا لقيني فسلم على ما أحسن وذمه على ذلك وأقدم عليه بالمكروه وكذلك وردت الأخبار عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال في نفسه من منع تسميته مثل ذلك وأبو الحسن الرضا عليه السلام يقول لو علمت ما يريد القوم مني لأهلكت نفسي عندي بما لا يوثق ديني بلعب الحمام والديكة وأشباه ذلك فكيف يجوز في زماننا هذا مع شدة الطلب وجور السلطان وقلة رعايته لحقوق أمثالهم مع ما لقي عليه السلام من صالح بن وصيف وحبسه وتسميته من لم يظهر خبره ولا اسمه وخفيت ولادته وقد رويت أخبار كثيرة أن القائم تخفى على الناس ولادته ويخمل ذكره ولا يعرف إلا أنه لا يقوم حتى يظهر ويعرف أنه إمام ابن امام ووصي ابن وصي يوتم به قبل أن يقوم ومع ذلك فإنه لا بد من أن يعلم أمره ثقاته وثقات أبيه وإن قلوا ولا ينقطع من عقب الحسن بن علي عليه السلام ما اتصلت أمور الله عز وجل ولا ترجع إلى الأخوة ولا يجوز ذلك وأن الإشارة والوصية لا تصحان من الإمام ولا من غيره إلا بشهود أقل ذلك شاهدان فما فوقهما فهذا سبيل الإمامة والمنهاج الواضح اللاحب الذي لم تزل الشيعة الإمامية الصحيحة التشيع عليه
وقالت الفرقة الثالثة عشرة مثل مقالة الفطحية الفقهاء منهم وأهل الورع والعبادة مثل عبد الله بن بكير بن أعين ونظرائه فزعموا أن الحسن بن علي توفي وأنه كان الإمام بعد أبيه وأن جعفر بن علي الإمام بعده كما كان موسى بن جعفر إماما بعد عبد الله بن جعفر للخبر الذي روي أن الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا مضى وأن الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام صحيح لا يجوز غيره وإنما ذلك إذا كان للماضي خلف من صلبه فإنها لا تخرج منه إلى أخيه بل تثبت في خلقه وإذا توفي ولا خلف له رجعت إلى أخيه ضرورة لأن هذا معنى الحديث عندهم وكذلك قالوا في الحديث الذي روي أن الإمام لا يغسله إلا إمام وإن هذا عندهم صحيح لا يجوز غيره وأقروا أن جعفر بن محمد عليه السلام غسله موسى وادعوا أن عبد الله أمره بذلك لأنه كان الإمام من بعده وإن جاز أن ما يغسله موسى لأنه إمام صامت في حضرة عبد الله فهؤلاء الفطحية الخلص الذين يجيزون الإمامة في أخوين إذا لم يكن الأكبر منهما خلف ولدا والإمام عندهم جعفر بن علي على هذا التأويل ضرورة وعلى هذه الأخبار والمعاني التي وصفناها
صفحة ١١٢