فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة
الناشر
دار اليسر للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
العلمي، وتضم إلى ذلك العنايةَ بالصلاحِ الذاتي والممارسةَ العملية والوعيَ بالتراتيب والسياساتِ الإداريةِ والتنظيمية.
ومن اللافت للنظر: أن كلَّ أمرٍ ذِي بالٍ لا بُدَّ من تدريبٍ ومِرانٍ عليه، وتأهيلٍ لممارسته، فسياسةُ الخلق وهدايةُ الأنام قد تبدأ من رعي الأغنام، فـ "ما بَعَثَ اللهُ نبيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ" (١).
قال ابن حجر: "قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء رَعْيَ الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرُّنُ برعيها على ما يُكَلَّفونه من القيام بأمر أمتهم" (٢).
ومن قَبْلُ لمَّا مضى قَدَرُ الله في موسى ﵇ بالتصدِّي لفرعونَ الطاغية جرى تدريبُهُ تدريبًا ربانيًّا، وتأهيلُهُ تأهيلًا إلهيًّا، قال تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩]، فلما حانت ساعة البعثة، جاء خطاب التكليف متدرجًا من جهة، ومدرِّبًا من جهة أخرى، فيؤمر بإلقاء العصا، ثم تنقلبُ أمام عينه حيةً تسعى، ثم يأخذُها بيمينه، فتنقلبُ إلى عصا تارةً أخرى، ثم ينزع يدهُ فتخرجُ بيضاءَ من غير سوءٍ آيةً أخرى، كل ذلك قبل أن يَقَعَ أمامَ الخلق؛ لئلا تبهرَ روعةُ الآيةِ موسى نفسَهُ.
وفي سيرة النبي المصطفى ﷺ تدريبٌ لأصحابه على الدعوة
(١) أخرجه البخاري، رقم، (٢٢٦٢). (٢) فتح الباري، لابن حجر، (٤/ ٤٤١).
1 / 170