حكم الجماع في رمضان
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل].
هذا الفصل في حكم من جامع في نهار رمضان، والأصل في هذا الفصل ما ثبت في الصحيحين (أن رجلًا أتى النبي ﵊ وقال: يا رسول الله! هلكت -وفي رواية: احترقت- قال: وما أهلكك؟ قال: يا رسول الله! وقعت على امرأتي في نهار رمضان وأنا صائم.
فقال له النبي ﵊: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا.
قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا.
قال: هل تجد ما تُطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا، فأتي النبي ﵊ بعرق فيه تمر فقال: خذ هذا فتصدّق به.
قال: وعلى أفقر منا يا رسول الله؟! فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي) يعني: ما بين لابتي المدينة وهما الحرتان: الحرة الشرقية والحرة الغربية، وهذا الحديث فيه وجوب الكفارة على من جامع في رمضان، وتقدم أن الصوم له مفسدات من الأكل والشرب، والحجامة، والجماع، والإنزال، والاستقاء عمدًا، أي: إخراج القي عمدًا، تقدم شرح هذه المفسدات، والواجب فيها القضاء، من أفطر بأكل أو شرب أو بإنزال أو بغير ذلك فالواجب عليه القضاء، لكن هذا الفصل في وجوب أمر زائد عن القضاء في خصوص الجماع، فمن جامع في نهار رمضان فعليه الكفارة: عتق رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن جامع نهار رمضان في قُبل أو دُبر] يعني: في فرج، سواء كان هذا الفرج هو القُبل -وهو قُبل المرأة- أو كان في دبر.
قال رحمه الله تعالى: [ولو لميت] هذا شذوذ، قد يطأ الرجل ميتة، بعض الناس قد يقتل ويطأ، أو يجدها ميتة فيطأها.
قال رحمه الله تعالى: [ولو بهيمة] وهذا أيضًا من الشذوذ، فإذا حصل وطء أنزل أم لم ينزل، كرجل وطئ امرأته في رمضان، بمعنى: أولج، فإذا أولج في الفرج فالتقى ختانه بختانها فقد وجب الغُسل، وكذلك سائر الأحكام، فإذا وطئ امرأ في نهار رمضان أنزل أو لم ينزل فعليه الكفارة، إذًا: هل يشترط الإنزال؟ لا، أنزل أم لم ينزل، فإن لم باشر فأنزل، يعني: أتى المرأة بين فخذيها لكنه لم يولج لا في قُبل ولا في دُبر، فما الواجب عليه؟ القضاء فقط، ولو استمنى بيده فالواجب عليه القضاء فقط، ولو قبّل فأنزل أو مس فأنزل أو نحو ذلك فالواجب عليه في المذهب القضاء فقط، وتقدم الخلاف في القُبلة وفي المس، إذًا: لا بد من إيلاج أنزل أم لم ينزل.
وأما وجوب الكفارة بالأكل أو الشرب ففيه خلاف، والصحيح المشهور في المذهب أنه لا تجب به الكفارة، وإلا فمن أهل العلم من يوجب في كل مفسد حتى في الأكل والشرب، لكن الصحيح أنه تجب فقط في الوطء في قُبل أو في دُبر وإن كان وطء الدبر حرامًا لا يجوز، لكن عليه مع الإثم الكفارة.
6 / 2