128

فقه النوازل

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى - ١٤١٦ هـ

سنة النشر

١٩٩٦ م

تصانيف

التشريعات على أحكام خمسة حسب واقع نصوصها من الدلالة والمفهوم. وهذا ما دل عليه استقراؤهم بتقسيمها إلى تكليفي (١) وهو هذه، وإلى وضعي وهو ما يشمل: السبب والشرط، والمانع.

(١) فائدة: من المنتشر في كلام أهل العلم تسمية أوامر الدين تكليفًا. إذ دين الله تعالى: أمر ونهي، والأمر نوعان: أحدهما: مقصود لنفسه، والثاني: وسيلة إلى المقصود. والنهي نوعان: أحدهما: ما يكون النهي عنه مفسدة في نفسه، والثاني: ما يكون وسيلة إلى المفسدة. والتكليفي: ينقسم خمسة أقسام واجب ومندوب ... إلخ. والتكليف قسيم للوضعي وهو ما قُسِّم إلى سبب وشرط ومانع.. وهكذا. وابن القيم رحمه الله تعالى. وإن كان أطلق هذه العبارة " التكليف "، " الحكم التكليفي " في مدارج كلامه من بعض كتبه كالإعلام، وطريق الهجرتين لكنا نجده في مواضع من إغاثة اللهفان ١ / ٣١ - ٣٢، ومدارج السالكين ١ / ٩١، وشفاء العليل ص: ٤٧٥، لا يرتضي هذه التسمية ويقرر أن الله سبحانه لم يسم أوامره ووصاياه وشرائعه تكليفًا قط، بل سماها: روحًا ونورًا، وشفاء، وهدى ورحمة، وحياةً وعهدًا، ووصية، ونحو ذلك وأنه لم تأت تسميتها تكليفًا إلا في مجال النفي كما في قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ . وقوله: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ويقرر أيضًا أن تسميتها تكليفًا في مجال الإثبات أنما كان هذا نتيجة لمذهب نفاة الحكمة والتعليل الذين يردون الأمر إلى محض المشيئة، وصرف الإرادة وأن القيام بالمأمورات ليس إلا لمجرد الأمر من غير أن تكون سببًا للنجاة في المعاش والمعاد، فليس للأمر صفة اقتضت حسن الأمر به كما أن النهي ليس النهي عنه لصفة اقتضت النهي عنه. لهذا سموا الأوامر تكليفًا أي قد كلفوا بها. فهذا الاصطلاح إذًا يكون في إطلاقه مجاراة لأهل البدع في أهوائهم واصطلاحاتهم. هذا ما يمكن على حد ما قرره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى. وهو بحاجة إلى مزيد من التأمل والبحث فنلفت إليه الأنظار. ولينظر المبحث السادس عشر. والله أعلم.

1 / 139