فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
96

فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري

الناشر

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢١ هـ

تصانيف

فَقلت: أطَلِّقهَا أمْ مَاذَا أَفْعَل؟ قَالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا، وَأرْسَلَ إلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقلْت لاِمْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكوني عِنْدَهمْ حَتَّى يقْضِيَ الله فِي هَذَا الأَمْرِ، قَالَ كَعب: فَجَاءَتِ امْرَأَة هِلاَل بْنِ أمَيَّةَ رَسولَ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ، إنَّ هِلاَلَ بنَ أمَيَّةَ شَيْخ ضَائِع لَيْسَ لَه خَادِم فَهَلْ تَكْرَه أنْ أَخْدمَه؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبكِ " قَالَتْ: إِنَّه وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَة إِلَى شَيْءٍ، وَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي منْذ كَانَ مِنْ أمْرِهِ مَا كَانَ إلَى يَوْمِهِ هَذَا، فَقَالَ لِي بَعْض أهْلِي لوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسولَ الله ﷺ في امْرَأَتِكَ كَمَا أذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أمَيَّةَ أنْ تَخْدمَه، فَقلْت: وَاللهِ لَا أَسْتَأْذِن فِيهَا رَسولَ اللهِ ﷺ ومَا يدْرِينِي مَا يَقول رَسول اللهِ ﷺ إذَا اسْتَأْذَنْته فِيهَا وَأنا رَجل شابّ فَلَبِثْت بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَال، حَتَّى كَملَتْ لَنَا خمْسونَ لَيْلَة مِنْ حِينَ نَهَى رَسول اللهِ ﷺ عَنْ كَلاَمِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْت صَلاَةَ الْفَجْرِ صبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَة وَأنا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بيوتِنَا فَبَيْنَا أنا جَالِس عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ الله قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْض بِمَا رَحبَتْ، سَمِعْت صَوْتَ صَارخٍ أوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، قالَ: فَخَرَرْت سَاجِدا وَعَرَفْت أنْ قَدْ جَاءَ فَرَج وآذَنَ رَسول اللهِ ﷺ بتَوْبَة اللهِ علَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاس يبَشِّرونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مبَشِّرونَ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجل فَرَسا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْت أسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْت صَوْتَه يبَشِّرنِي نزَعْت لَه ثَوْبَيَّ فَكَسَوْته إِيَّاهمَا بِبشْرَاه، وَاللهِ مَا أمْلِك غَيْرَهمَا يَوْمَئِذٍ واسْتَعَرْت ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتهمَا وانطَلَقْت إِلَى رَسولِ اللهِ ﷺ فَيَتَلَقَّانِي النَّاس فَوْجَا فَوْجَا يهنئوني بِالتَّوْبَة، يَقولونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَة اللهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْب: حَتَّى دَخَلْت المَسْجِد فَإذَا رَسول اللهِ ﷺ جالِس حَوْلَه النَّاس، فَقَامَ إِلَيَّ طلحَة بْن عبَيْدِ اللهِ يهَرْوِل حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأنِي وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجل مِنَ الْمهَاجِرِينَ غَيْره، وَلَا أنْسَاهَا

1 / 98