فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
الناشر
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هـ
تصانيف
ثالثا: الدفاع عن الدعاة إلى الله تعالى: لا شك أنه يجب على المدعوين- إذا سمعوا من يكذب على الدعاة أو يتهمهم بما ليس فيهم- أن يدافعوا عنهم بالصدق والحكمة، كما دافعت عائشة ﵂ عن رسول الله ﷺ وردَّت ما قاله الشيعة: من أنه ﷺ أوصى لعلي بالخلافة فقالت: " متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري. . .؟ " ثم بينت أنها لازمته مدة مرضه ولم يحصل منه ذلك (١).
وهكذا ينبغي للمدعوين أن يفعلوا- مع علمائهم ودعاتهم الصادقين- كما فعلت عائشة ﵂ من دفاعها عن رسول الله ﷺ.
رابعا: من أساليب الدعوة: الاستفهام الإِنكاري: الأسلوب: الطريق والفن. يقال: هو على أسلوب من أساليب القوم: أي على طريق من طرقهم. ويقال: أخذنا في أساليب من القول: فنون متنوِّعة (٢) وأساليب الدعوة: هي العلم الذي يتصل بكيفية مباشرة التبليغ وإزالة العوائق عنه، وهي الطريقة التي يسلكها الداعية في تأليف كلامه، واختيار ألفاظه، وتأدية معانيه ومقاصده من كلامه (٣).
وقد ظهر في هذا الحديث أسلوب الاستفهام الإِنكاري حيث قالت عائشة ﵂ منكرة على من زعم أن النبي ﷺ أوصى بالخلافة لعلي ﵁: " متى أوصى إليه. . .؟ " ثم بينت ﵂ ملازمتها له في مرضه حتى مات، ثم أعادت الاستفهام الإِنكاري مرة أخرى فقالت: " فمتى أوصى إليه؟ " والاستفهام الإِنكاري في الدعوة إلى الله تعالى يظهر منه أنه يحمل التوبيخ والزجر؛ لكن بطريقة حكيمة (٤).
والله ﷿ قد بين ذلك في كتابه وخاطب به المشركين ومن ذلك قوله سبحانه
(١) انظر: فتح الباري لابن حجر ٥/ ٣٦١ - ٣٦٣، وعمدة القاري للعيني ١٤/ ٣٢. (٢) انظر: القاموس المحيط، للفيروزآبادي، باب الباء، فصل السين، ص ١٢٥. (٣) انظر: علوم القرآن، لمحمد بن عبد العظيم الزرقاني، ٢/ ١٩٩. (٤) انظر: البرهان في علوم القرآن، لبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ٢/ ٣٢٨.
1 / 68