فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
الناشر
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هـ
تصانيف
تعالى؛ لأن النبي ﷺ دعا إلى حفر بئر رومة فحفرها عثمان ﵁ وهذا العمل من أعظم الصدقات، ودعا ﷺ إلى تجهيز جيش العسرة، فجهزه عثمان ﵁، وهذه من النفقات في سبيل الله تعالى. (١).
فعلى الداعية أن يحث الناس على الإِنفاق في وجوه البر ابتغاء وجه الله تعالى.
ثانيا: من صفات الداعية: المسارعة إلى الخيرات: إن من صفات الداعية الصادق مع الله ﵎ المسارعة إلى الخير ابتغاء مرضات الله تعالى؛ ولهذا سارع عثمان ﵁ عندما سمع النبي ﷺ يدعو إلى الإنفاق ويبين فضله، فأنفق على جيش العسرة فجهزه، وحفر بئر رومة، فينبغي للداعية أن يسارع إلى فعل الخيرات كما قال ﷾: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ - الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤] (٢) الآية (٣).
ثالثا: من صفات الداعية: الكرم والرغبة فيما عند الله تعالى: إن الكرم صفة حميدة ينبغي للدعاة أن يتصفوا بها، وفي هذا الحديث صورة واضحة تبين كرم عثمان ﵁ وأرضاه، فقد أنفق نفقة عظيمة عجز عظماء الرجال عن الإِنفاق مثلها، فقد ثبت أنه «أنفق في هذه الغزوة ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وجاء بألف دينار فنثرها في حجر النبي ﷺ، فأخذ النبي ﷺ يقلِّبها في حجره ويقول: " ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد هذا اليوم " قالها مرارا» (٤) ومما يدل على كرمه أيضا ما أنفقه في شراء بئر رومة وحفرها، وذلك أن «المهاجرين لما قدموا المدينة استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني
(١) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري ١٢/ ٨٧، وفتح الباري لابن حجر، ٥/ ٤٠٧، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٧١.
(٢) سورة آل عمران، الآيتان: ١٣٤، ١٣٣.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٥/ ٤٠٧، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٧٢، والحديث رقم ٣٠، الدرس الثاني.
(٤) الترمذي، في كتاب المناقب، باب في مناقب عثمان بن عفان ﵁ ٦/ ٦٢٦، برقم ٣٧٠١، وقال حسن غريب من هذا الوجه، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ٣/ ٢٠٩، وأخرجه أيضا الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٣/ ١٠٢، وانظر فتح الباري، لابن حجر، ٧/ ٥٤.
1 / 148