الفقه على المذاهب الأربعة

عبد الرحمن الجزيري ت. 1360 هجري
79

الفقه على المذاهب الأربعة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

يتذكر قبل ذلك الوضوء والحدث الذي شك فيهما، ولم يدر أيهما حصل أولًا، فإن تذكر أنه كان محدثًا قبل ذلك، اعتبر متوضئًا، لأنه ثبت أنه توضأ بعد الحدث الأول بيقين، وشك في أنه أحدث ثانيًا أو لا، قد عرفت أن الشك عند الحنفية لا يضر، مثال ذلك أن يتوضأ بعد الظهر بيقين، ويحدث بيقين، ولكنه يشك في هل الحدث الناقض وقع أولًا، فيكون الوضوء باقيًا، أو الوضوء حصل أولًا، فيكون الوضوء منتقضًا بالحدث، وفي هذه الحالة ينظر إلى ما كان عليه قبل الظهر، فإن تذكر أنه كان محدثًا قبل الظهر، فإنه يعتبر متطهرًا بعده، وذلك لأنه تيقن الحدث الأول الواقع منه قبل الظهر، هل وقع قبل الوضوء، أو بعده؟ والشك لا يرفع الحدث فيكون متوضئًا؛ الأمر الثاني: أن يتذكر أنه كان متوضئًا قبل الظهر، ثم توضأ بعده وأحدث، وفي هذه الحالة تفصيل، وهو إن كان من عادته تجديد الوضوء (١) فإنه يعتبر بعد الفجر محدثًا بيقين، لأنه كان متوضئًا قبله بيقين، ثم جدد الوضوء بعده، وأحدث، ولا يدري أيهما السابق فلا يعتبر شاكًا في نقض الوضوء، لأنه كان متوضئًا أولًا بيقين، ثم أحدث بيقين، ووضوءه الثاني يعتبر تجديدًا للوضوء الأول الذي وقع بعد الحدث بيقين، فلا يكون تجديد الوضوء رفعًا للحدث المتيقن، أما إذا لم يكن من عادته الوضوء، فإنه يعتبر متطهرًا، لأن طهارته الثانية ترفع الحدث المشكوك فيه. هذا كله إذا شك في الوضوء بعد تمامه، أما إذا شك أثناء الوضوء في عضو، فإن عليه أن يعيد تطهير العضو الذي شك فيه. ولا يخفى أن هذه الدقائق العلمية، ذكرناها لما عساها أن ينتفع بها طلبة العلم، أما العامة فليس من الضروري أن يعرفوا مثل هذه الدقائق إلا في الأحوال الضرورية، كما إذا كان شخص في جهة يقل فيها الماء أو كان يصعب عليه إعادة الوضوء لكبر، أو ضعف، أو برد، وكان في حالة لا يباح له فيها التيمم: أو نحو ذلك، فلم يقصر العلماء في بيان حكم من الأحكام، سواء كان ينتفع به الجمهر، أو بعضهم.

شك بعد تحقق الناقض، والوضوء هل السابق الناقض، أو الوضوء، فكل ذلك ينقض الوضوء، لأن الذمة لا تبرأ إلا باليقين، والشاك لا يقين عنده (١) الحنابلة قالوا: يعمل بضد حالته الأولى، ولو كان من عادته تجديد الوضوء) .

1 / 81