170

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي

الناشر

دار الكتب العلمية-بيروت

رقم الإصدار

الأولى-١٤١٦هـ

سنة النشر

١٩٩٥م

مكان النشر

لبنان

تصانيف

صلاة العيدين، زكاة الفطر، التضحية: في السنة الثانية أيضًا شرعت صلاة العيدين وصلاها بهم النبي ﷺ بالمصلى، وفي أبي داود والترمذي والنسائي، وابن حبان بإسناد صحيح عن أنس: قدم النبي ﷺ المدينة ولها يومان يلعبون فيهما، قال: " أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما يوم الفطر والأضحى" ١. في السنة الثانية أيضًا شرعت زكاة الفطر على الأبدان، وهي صاع من أغلب قوت البلد أو شعير أو غيرهما، يأخذه الفقير، ينبسط به ذلك اليوم ويستريح من العناء، ويشارك إخوانه في الاحتفال والفرح والشكر، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ ٢، قيل: هي زكاة الفطر، والمشهور أن هذه الآية مكية، وأن زكاة الفطر لم تجب إلّا في هذه السنة بالسنة. شرعت في السنة الثانية أيضًا، ففيها كان أول أضحى شهده المسلمون، خرج ﵇ للمصلى فصلى ثم خطب ثم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، فسمَّى وكبَّر ووضع رجله على صفاحهما، وقال: "اللهم هذا منك وإليك" فالأوّل ضحى به عن نفسه وعائلته الكريمة، والثاني عن أمته٣، واقتدى به من له قدرة من المسلمين، وبقيت سنة لهم إلى يومنا هذا تذكارًا لما أنعم الله به على إبراهيم ﵇ من فداء ابنه، وتشبهًا بالحجَّاج في هداياهم بمنى، وتشويقًا لذلك الجمع الأكبر، ولفتح مكة الذي كان سببًا لكل خير على الأمة. ثم إن تقريب القربان لله تعالى كان في جميع الأمم قبلنا، قال تعالى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ ٤، وإنما الذي شرع في هذه المسألة نسيكة مخصوصة في أيام النحر الثلاثة بعينها.

١ أبو داود "١/ ٢٩٥"، والنسائي "٣/ ١٤٦"، ولم أجده في الترمذي. ٢ الأعلى: ١٤، ١٥. ٣ ثبت في ذلك عدة أحاديث، منها حديث عائشة، وأخرجه مسلم وأبو داود وأحمد، وحديث أنس وأخرجه الجماعة، وحديث جابر وأخرجه أبو داود وابن ماجه. "انظر نيل الأوطار -أبواب الهدايا والضحايا" "٥/ ١٢١". ٤ الحج: ٦٧.

1 / 178