قال: بل البثي هنيهة، وما دامت المصادفة جمعتنا فلننتهز هذه الفرصة للاتفاق على أمر يهمنا نحن الاثنين؛ أريد أن أكلمك عن ابنتنا.
قالت: ما عسى أن تقول لي أكثر مما قلته لنفسي؟ فإن سخطك قد تجاوز كل حد؛ لأنك تأبى علي أن أرى ابنتي، فما عسى أن تروم مني بعد؟
أجاب: أروم أن تفهمي أن ما فعلته لم يكن من سخط جنوني كما تظنين؛ فالحكم الصادر بقطع كل صلة بيننا يخولني حق الوصاية الشرعية على بوليت والرعاية لها دونك، وإنما صدر هذا الحكم حماية لمستقبلها وشرفها. قالت: لم يخطر ذلك ببالي قط. فازداد حنق الكونت برغمه، فقال: ثم إن هذا الحكم يراد به أن لا يضطر الزوج المخدوع إلى أن يلمس بشفتيه جبين ابنته فيجد عليهما أثر قبلات الزوجة الخائنة.
فارتعدت لورانس من هذه الوقاحة، وقالت: أي رجل أنت؟ ...
أجاب: أنت صيرتني إلى ما ترين.
قالت: وكيف ذلك؟
أجاب: إن الغضب الذي أورثتني إياه خيانتك يعدل حبي السابق واحترامي لك، فلا تستعطفيني؛ لأنك تستعطفين غير راحم.
قالت بحدة: إذن لا تتكلم عن حب سابق؛ فالرجل الذي يتجنى علي بهذه الشدائد لم يحبني قط، ولما سمع الكونت روجر هذه الكلمات نسى كل شيء إلا أمرا واحدا حقيقيا هو أن حبه السابق لا يوازيه حب آخر، فضحك كمدا وقهرا، وقال مخاطبا نفسه: إنها تجسر على اتهامي بأنني لم أحبها! رباه، إنها تجسر على ذلك!
ورفع يديه إلى السماء يستشهد الله على كذب هذه التهمة، ثم قال: إنها تجسر على ذلك، وأنا الذي وهب لها حياته، وناضل سريرته وفؤاده، حرصا على هواها وكانت في أثناء ذلك تخونني دون أن يخطر في بالها أنني قد أموت يأسا وغما!
والظاهر أن هذه الكلمات لم تقنع لورانس؛ لأن الأعمال كانت مكذبة للأقوال، فابتسمت وقالت: أنت تموت يأسا وغما؟! لعمري إنك تعزيت سريعا، وكانت سلواك موازية خطر الموت الذي تدعي وجوده. فدنا منها وهو يصرف بأسنانه وقال لها: نعم، لقد أسرعت في الاقتران بامرأة أخرى، وهذا ما تقولينه الآن، ولكن من يدري أن تلك السرعة لم تكن ناجمة عن رغبتي في الانتقام منك؟
صفحة غير معروفة