95

في الأمام بالقرب من الضفة اليسرى، كان ثمة جذع كبير. رأى نك أنه كان مجوفا، وكان يشير لأعلى النهر فدخله التيار بهدوء، ولم تتشكل سوى موجة صغيرة على كل من جانبي الجذع. كانت المياه تزداد عمقا. الجزء العلوي من الجذع المجوف كان رماديا وجافا، وكان الظل يغطي جزءا منه.

خلع نك الغطاء عن زجاجة الجنادب، وقد علق أحدها به. أخذ نك الجندب ووضعه في الخطاف وألقاه في المياه. حمل الصنارة بعيدا إلى الخارج كي يتحرك الجندب على المياه باتجاه التيار المتدفق إلى الجذع المجوف. أنزل نك القصبة بعض الشيء وطفا الجندب. شعر نك بشدة عنيفة. سحب نك الصنارة في الاتجاه المعاكس للشد. بدا الأمر وكأن الخطاف قد علق بالجذع نفسه، غير أن نك قد شعر بشيء يتحرك.

حاول أن يخرج السمكة إلى التيار. وخرجت بصعوبة.

ارتخى الخيط وظن نك أن السمكة قد هربت، ثم رآها بعد ذلك في مكان قريب جدا في التيار تهز رأسها وتحاول خلع الخطاف عنها. كان فمها مغلقا بإحكام. كانت تحارب الخطاف في التيار الصافي المتدفق.

راح نك يلف الخيط بيده اليسرى على هيئة أنشوطة ويحرك الصنارة كي يجعل الخيط مشدودا، وحاول أن يوجه سمكة السلمون المرقطة إلى الشبكة، لكنها ابتعدت واختفت عن بصره، وراح الخيط يتحرك صعودا وهبوطا. صارع نك السمكة في الاتجاه المعاكس للتيار، وتركها تضرب في المياه على نابض الصنارة. نقل الصنارة إلى يده اليسرى، وجلب السمكة عكس اتجاه التيار بينما ظلت هي تحافظ على اتزانها وتحارب صنارة الصيد، ثم أدخلها في الشبكة. رفع نك السمكة من المياه، وقد شكلت نصف دائرة ثقيلة في الشبكة التي كانت المياه تتساقط منها، ونزع الخطاف منها ووضعها في الجوال.

فتح نك الجوال ونظر بداخله إلى سمكتي السلمون المرقطتين الكبيرتين الحيتين في المياه.

خاض نك في المياه العميقة متجها إلى الجذع الأجوف. خلع عنه الجوال من فوق رأسه، وبينما كان الجوال يخرج من المياه، راحت السمكتان تتخبطان، ودلى نك الجوال حتى تصبح السمكتان مغمورتين في المياه. بعد ذلك خرج إلى الجذع وجلس عليه، وراحت المياه تنساب من سرواله وحذائه وتتدفق إلى التيار. وضع الصنارة بجواره وتزحزح إلى الطرف الظليل من الجذع وأخرج الشطيرتين من جيبه. غمسهما في الماء البارد، وحمل التيار الفتات بعيدا. أكل الشطيرتين وغمس قبعته في الماء ليملأها ويشرب منها، وراحت المياه تتدفق من القبعة قبل أن يشرب.

كان الجو منعشا في الظل الذي كان نك يجلس فيه على جذع الشجرة. أخذ سيجارة وأخرج عود ثقاب ليشعلها. غاص عود الثقاب في الغابة الرمادية وقد صنع فيها فجوة ضئيلة. مال نك على جانب الجذع، ووجد مكانا صلبا وأشعل عود الثقاب. جلس يدخن ويشاهد النهر.

في الأمام، كان النهر يضيق ويتجه إلى المستنقع. أصبح النهر سلسا وعميقا وبدا المستنقع ممتلئا بأشجار الأرز التي كانت جذوعها قريبة بعضها من بعض وأغصانها مصمتة. لم يكن بالإمكان السير عبر مستنقع كهذا. كانت الأغصان منخفضة للغاية؛ حتى إنه ستيعين عليك أن تظل في مستوى الأرض تقريبا كي تتمكن من القيام بأي حركة. لن يكون باستطاعتك السير عبر الأغصان. فكر أن هذا قد يكون هو السبب في أن الحيوانات التي كانت تعيش في المستنقع كانت بتلك البنية التي كانت عليها.

تمنى لو أنه قد أحضر شيئا يقرؤه. كان يشعر بالرغبة في القراءة. لم يشعر بالرغبة في دخول المستنقع. راح ينظر إلى النهر. كانت هناك شجرة أرز تميل بالكامل على عرض النهر. وفيما وراء ذلك كان النهر يتجه إلى المستنقع.

صفحة غير معروفة