كان جورج يقف أبعد قليلا أسفل المنحدر ينفض الثلج عن معطفه الواقي من الرياح بضربات كبيرة من يده.
نادى نك قائلا: «لقد كنت رائعا يا مايك. ذلك ثلج ناعم لعين. لقد نال مني بالطريقة نفسها.» «كيف حال التزلج على الوادي الضيق؟» ركل نك زلاجتيه إلى جانبيه وهو راقد على ظهره ونهض واقفا. «عليك أن تبقى على اليسار. إن الهبوط سريع ورائع مع ضرورة اتخاذ وضعية كريستي في القاع بسبب وجود سياج.» «انتظر لحظة ولنقم بها معا.» «كلا، فلتبدأ أنت أولا. أرغب في رؤيتك وأنت تتزلج على الوديان الضيقة.»
تقدم نك آدمز أمام جورج، وقد كان ظهره الضخم ورأسه الأشقر لا يزالان معفرين قليلا بالثلج، ثم بدأت زلاجتاه في الانزلاق على الحافة، وانزلق للأسفل وقد صدر عن حركته في مسحوق الثلج البلوري صفير، وبدا في صعوده وهبوطه على الوديان العميقة المتموجة وكأنه يطفو ويغرق. ظل نك على اليسار، وفي النهاية بينما راح يندفع نحو السياج وهو يبقي على ركبتيه مضمومتين عن قرب معا ويستدير بجسده وكأنه يثبت مسمارا ملولبا، أدار زلاجتيه بحدة إلى اليمين مثيرا سحابة من الثلج وراح يتباطأ إلى أن توقف تماما بمحاذاة جانب التل والسياج السلكي.
نظر إلى أعلى التل. كان جورج يهبط متخذا وضعية تلمارك جاثيا؛ فكانت إحدى ساقيه ممددة إلى الأمام ومحنية، وثنى الأخرى إلى الخلف بينما عصواه كانتا تتدليان كساقي حشرة رفيعتين وتركلان هبات من الثلج إذ تلمسان السطح، وأخيرا استدارت الهيئة الجاثية الزاحفة بأكملها في منحنى جميل إلى جهة اليمين، ساق تمتد إلى الأمام والأخرى إلى الخلف، الجسم كله يميل عكس اتجاه الحركة، العصوان تحددان المنحنى كنقاط من الضوء، كل ذلك في غيمة جامحة من الثلج.
تحدث جورج قائلا: «كنت خائفا من القيام بوضعية كريستي. كان الثلج عميقا للغاية. لقد قمت بحركة رائعة.»
قال نك: «لا أستطيع تنفيذ وضعية تلمارك بساقي.»
أخفض نك الجديلة العلوية من السياج بزلاجته، وانزلق جورج من فوقه. تبعه نك إلى الطريق. اندفعا محنيي الركب على الطريق المؤدي إلى غابة صنوبرية. أصبح الطريق جليدا مصقولا، ملطخا باللون البرتقالي واللون الأصفر الشبيه بلون التبغ بسبب الحيوانات التي تنقل جذوع الأشجار. حافظ المتزلجان على مسارهما على جانب الطريق الثلجي. كان الطريق ينحدر بحدة إلى جدول، ثم يمتد مباشرة إلى أعلى التل. عبر الأحراج، استطاعا أن يريا مبنى طويلا منخفض الأفاريز قد أبلاه الطقس. عبر الأشجار، بدا أصفر باهتا. ومن نقطة أقرب، بدت أطر النوافذ مطلية باللون الأخضر. كان الطلاء يتقشر. أرخى نك الأبازيم بإحدى عصوي التزلج وخلع الزلاجتين.
تحدث قائلا: «ربما من الأحرى أن نحملها لأعلى من هنا.»
تسلق الطريق المنحدر وهو يحمل الزلاجتين على كتفيه، ويضرب بمسامير كعبي حذائه في الممشى الجليدي. سمع جورج وهو يتنفس ويضرب بحذائه خلفه تماما. رصا الزلاجات على جانب النزل ونفضا الثلج عن سرواليهما، ودقا بحذاءيهما على الأرض لتنظيفهما، ودخلا.
في الداخل كان الجو معتما بعض الشيء. أضاءت في ركن الغرفة مدفأة كبيرة من البورسلين. كان السقف منخفضا. واصطفت على جانبي الغرفة مقاعد ملساء أمامها طاولات داكنة اللون ومبقعة بالنبيذ. كان هناك سويسريان يدخنان الغليون، وكان توجد زجاجتان من النبيذ الجديد العكر بجوار المدفأة. خلع الفتيان سترتيهما وجلسا أمام الحائط في الجانب الآخر من المدفأة. توقف صوت في الغرفة المجاورة عن الغناء، ودخلت من الباب فتاة ترتدي مئزرا أزرق لترى ما يرغبان في شربه.
صفحة غير معروفة