قالت: «ولكن كيف أستطيع أن أعطيك اليوم شيئا؟ لا أعرف أحدا أقترض منه. ولا يمكن أخذ شىء من المكتب إنى جديدة فيه».
فقال: «اسمعى، لو لم تكونى بلهاء لأمكن تذليل كل هذه المصاعب، ولكن لم أر فتاة مثلك».
فقالت: «ماذا تعنى؟ كيف يمكن تذليل الصعاب»؟
فأراح كفيه الغليظتين على كتفيها، وقال: «أنا أستطيع أن أدبر الأمر إذا طاوعتنى». فهزت رأسها غير فاهمة، فقال: «تعالى».
وطوقها بذراعيه، وأدنى شفتيه الممطوطتين من فمها.. فحاولت أن تنأى عنه، ولكنه جذبها إليه بقوة، فحولت وجهها عنه، فذهبت تعبثان فى نحرها وكتفها، وكانت يده اليسرى تتحسس صدرها وتقف وتتكور على ثديها الراسخ، فكاد عقلها يطير وتفلتت من عناقه بعنف، وارتدت راجعة إلى آخر الغرفة، وهى تلهث وتنهج، كأنما كانت تجرى وصدرها يعلو يهبط كالموج من جهد المقاومة ومن الغضب أيضا، وكان هو ينظر إليها نظر النقمة والغيظ فصاحت به وهى ترتجف: «إذا لم تخرج من هنا فسأصرخ».
فزام وهز رأسه، وقال وهو يدور ليخرج: «طيب.. سنرى.. أما أن تدفعى اليوم، وإلا فاخرجى أنت».
فلم تقل شيئا.. وماذا عسى أن تقول؟ ••• - بونجور. - بونجور ... خذى هذا العنوان واذهبى إليه حالا ... عمل مستعجل ... الرمنجتون ذهب بها أحمد ... العمل يستغرق يومين ... ثلاثة ... المهم الاتقان ... يجب أن يكون راضيا.. فاهمة؟
فذهبت ولم تسأله أهو عربى أم أفرنجى.. وماذا يهم .. كله عمل.. آلى. ودخلت الشقة فإذا هى بيت لا مكتب، وقالت للخادم النوبى: «إنى من محل ...».
فاكتفى بأن يشير إلى غرفة المكتب، فجلست على كرسى من الجلد كبير وثير.. وأدارت عينها فى الغرفة، فلم تر فيها أثاثا غير كرسى آخر كالذى جلست عليه. وحول الجدران رفوف كثيرة عليها كتب لا تحصى، وفى الركن مكتب أنيق، وفى وسط الغرفة منضدة صغيرة مما يستعمل للشاى وضعت عليها «الرمنجتون» فتوقعت أن ترى رجلا عالى السن، وأدهشها أن يدخل عليها شاب يناهز الثلاثين، وأن تعلم أن هذا هو الذى جاءت لتعمل له ولتنسخ ما يشاء.
وقال برقة لا تكلف بها: «قهوة»؟
صفحة غير معروفة