وإن قلتم: المراد أن صاحب هذه الرؤية كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصالحين قلنا معنى الصحبة الشرعية أو الاتباع بإحسان، وهنا عدتم إلى قولنا الأول.
وقد كان يغزو مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويصحبه فضلا عن الرؤية أناس للدنيا والطمع ومنهم قزمان وصاحب الشملة بخيبر وغيرهما، بل كان عبدالله بن أبي بن سلول يغزو بأصحابه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من الغزوات بعد غزوة بدر وقصتهم يوم المريسيع مشهورة، وكذا المستهزؤون في غزوة تبوك أمرهم مذكور في القرآن، فليست الفضيلة لمجرد الرؤية ولا مجرد الصحبة وإنما يفتح الله لهم برجل من أصحاب الصحبة الشرعية أو على الأقل أصحاب الرؤية التي معها حسن الاتباع.
رابعا: وقد بوب النووي لهذا الحديث في صحيح مسلم (باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وأظن الفرد العاقل يدرك أن الثناء على الذين يلونهم من الجيلين ليس على إطلاقه فإذا كان كذلك فما الذي جعلنا نخرج الحجاج والمختار والخوارج ويزيد من جيل التابعين؟ هل استثناهم النص أم نحن استثنيناهم لأفعالهم السيئة؟ إذا كان كذلك فلماذا نفرق بين أمور متشابهة ونعمم اللفظ في وقت ونخصصه في وقت آخر؟
أريد أن يذكر بعضنا بعضا بتجنب التفريق فهو من باب التحكم بلا دليل ويناقض التواصي بالحق.
خامسا: أما قول الشيخ ص6: بأن الحديث السابق (حديث الفئام) شامل لكل الصحابة.
فنقول له: وهو شامل لكل التابعين وتابعيهم فهل تبرئهم جميعا من الذم؟
إن قلت: نعم، رد عليك السابق واللاحق والتاريخ وعلم الجرح والتعديل.
وإن قلت: لا، تناقضت ورجعت إلى قولنا الذي قلناه أولا.
وأنت إن شاء الله ممن يحرص على الاطراد في القاعدة ونبذ التناقض وفقك الله لكل خير.
صفحة ٤٦