فإذا كان الإسلام نفسه ينصرف عنه بعض الناس لسوء تصرفات بعض المنتسبين إليه أو كثير منهم فمن باب أولى في مسالة المذهب العقدي؛ صحيح أنه من خطا المنصرفين أنهم نسوا أو تناسوا أن الإسلام هو الحجة على المسلمين لا العكس، وكذا السنة هي حجة على أهل السنة لا العكس لأن السنة إذا كانت تعني سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فليست إلا العدل والصدق والعلم والإنصاف وليست في هذه الشنشنات التي تصدر من بعض المنتسبين إلى السنة.
2- قوة تأثير المذهب السائد وحب الانتصار لانفراداته أو مسائله إضافة لما ذكرناه من تأثير البطانة والجلساء والأصحاب على رأي الشخص وقد حصل هذا من كبار من صحابة وتابعين أقصد مسألة التأثر بالجليس بل يوحي حديث ابن حبان أن الأنبياء أنفسهم قد يتأثرون بمشورة أهل المجلس كما في حديث (ما من نبي إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالخير... الحديث) وقد سبق.
فلا يجوز أن نزعم أننا لا نخضع إلا للحق ولا نخاف فيه لومة زميل ولا شيخ ولا صديق لأننا إن أنكرنا التأثير والتأثر لن نستطيع التنبه للمرض أو المشكلة وعلى هذا لن نحلها وقد بقيت معلقة بلا حل من القرون الأولى رغم تأكيد النصوص الشرعية عليها فأصبحنا كالمريض الذي لا يعترف بمرضه وعلى هذا لن يبحث عن العلاج.
دعونا إن كنا عاقلين نستفيد من اختلافاتنا في دراستها والنظر في أسبابها ونتائجها وما يصاحب ذلك من صدق أو كذب من ظلم أو عدل من يقين أو ظن...
ثم دراسة مواقفنا من هذا كله، وهل موقفنا من الكذب واحد؟ أم يختلف حسب التأثر أيضا؟، وكذا هل موقفنا من الظلم أو التهويل أو تكبير أمور أو تصغيرها... هل مواقفنا واحدة أم تختلف حسب المصلحة التي نراها؟ وهل رؤيتنا رؤية شرعية أم تختلط بما تختلط به من شوائب أمراض النفس وضعف الإعمال لنعمة العقل مع قلة المعلومات ومجاراة التيار؟
صفحة ١١٧