وإذا بدل ترتيب أجزاء القضية في القول، فقدم الموضوع وأخر المحمول، أو قدم المحمول وأخر الموضوع، بعد أن يبقى الموضوع موضوعا، والمحمول محمولا، لم تتغير القضية فتصير غير الأولى، ولا أيضا يكون ذلك عكسها، مثل قولنا: (زيد قام)، و(قام زيد).
بل العكس أو القلب أن يصير الموضوع محمولا والمحمول موضوعا. فإن قولنا: (زيد قائم)، و(قائم زيد) ليس بقلب، ولا عكس. بل القلب والعكس أن يقال: (زيد قائم)، و(القائم زيد).
والأسماء غير المحصلة ليست تدل على السلب، بل إنما تدل على أصناف العدم، كقولنا: (زيد لا عالم)، فإنه يدل ى ما يدل عليه قولنا: (زيد جاهل). وهذا بين في الألسنة التي تستعمل فيها الأسماء غير المحصلة. فأي عدم كان له اسم محصل فقرن باسم ملكته حرف (لا) فجعل منه اسما غير محصل، صارت قوته قوة اسم ذلك العدم في الدلالة، كقولنا: (لا بصير)، فإنه كقولنا: (أعمى). وأي عدم لم يكن له اسم جعل اسمه الاسم غير المحصل المعمول من اسم ملكته .
والقضية التي محمولها اسم غير محصل قضية موجبة، وليست بسالبة.
والفرق بينها وبين السلب: أن السلب هو أعم صدقا من غير المحصل.
لأن السلب يشتمل على رفع الشيء عما شأنه أن يوجد فيه، وعما ليس شأنه أن يوجد فيه. والاسم غير المحصل هو رفع الشيء عما شأنه أن يوجد فيه. فإن قولنا: (ليس بعالم) هو سلب، ويصدق على الحائط، وعلى الإنسان الجاهل، وعلى الطفل. وقولنا: (لا عالم) مثل قولنا: (جاهل)، فإنه ليس يقال في الحائط إنه جاهل، فليس يقال فيه إنه لا عالم.
وإذا كان أيضا لا يصدق (الجاهل) على الإنسان في كل أوقاته)، وذلك حين ما يكون طفلا، لم يصدق عليه أيضا في ذلك الوقت أنه (لا عالم).
وقد جرت العادة في الألسنة التي تستعمل فيها - في القضايا التي محمولاتها أسماء - الكلم الوجودية مصرحا بها أن يوضع حرف السلب في الشخصية والمهملة مع الكلم الوجودية، كقولنا: (زيد ليس يوجد عالما)، و(الإنسان ليس يوجد عالما).
وإذا كانت السالبة ذات سور، وضع حرف السلب مع السور، لا مع الكلمة الوجودية، كقولنا: (ليس كل إنسان يوجد أبيض).
وعلامة السوالب
في تلك الألسنة أن يكون حرف السلب فيما ليس فيه سور أصلا ولا جهة مع الكلم الوجودية.
وأما في ذوات الأسوار فمع السور.
فإذا لم يكن حرف السلب مع الوجودية، فيما ليس فيها سور ولا جهة، ولا مع السور أو الجهة فيما له سور أو جهة، كانت القضية حينئذ عندهم موجبة، كان محمولها اسما محصلا، أو اسما غير محصل.
وكل قضية كان محمولها اسما محصلا دالا على ملكة ما فإنها القضية البسيطة، وإن كان محمولها اسما محصلا دالا على عدم سميت قضية عدمية، وإن كان محمولها اسما غير محصل سميت قضية معدولة، سالبة كانت كانت هذه كلها أو موجبة، فقولنا: (زيد يوجد عالما) موجبة بسيطة، وقولنا: (زيد يوجد جاهلا) موجبة عدمية، يقابلها قولنا: (زيد ليس يوجد جاهلا) وهي سالبة عدمية. وقولنا: (زيد يوجد لا عالما) موجبة معدولة، يقابلها قولنا: (زيد ليس يوجد لا عالما) وهي سالبة معدولة.
ويبين تناسب البسيطة والمعدولة إذا وضعت حذاء العين في شكل ذي أربعة أضلاع. ولتكن أولا في الشخصيات.
زيد يوجد عالما ... زيد ليس يوجد عالما
زيد ليس يوجد جاهلا ... زيد يوجد جاهلا
زيد ليس يوجد عالما ... زيد يوجد لا عالما
ولهذه القضايا وضعان: وضع على الأضلاع، ووضع على الأقطار. وينبغي أن يقاييس بينها في الوضعين جميعا، ويعلم تناسبها في الصدق والكذب. أما تناسب ما هي منها موضوعة على الضلع في عرض الصفح فإنها كلها متقابلات ما.
وقد عرفت أحوالها في الكتاب الذي قبل هذا. وأما تناسب ما هي على الضلع في طول الصفح فإن الموجبة البسيطة إنما يصدق محمولها على موضوعها في وقت ما يوجد فيه المحمول فقط. والسالبة العدمية التي تحتها تصدق على ذلك الموضوع حين ما يوجد فيه الملكة، وحين ما لا يمكن أن تكون فيه تلك الملكة، فإن زيدا يصدق عليه أنه ليس بجاهل في حال علمه وهو كهل وفي حال طفولته.
صفحة ٧