وكل جسم سمائى فانه انما يتحرك عن محرك ليس بجسم ولا فى جسم اصلا فانه هو السبب فى وجوده فيما يتجوهر به فمرتبته فى الوجود الذى هو جوهره مرتبة ذلك الجسم فمحرك اكملها هو اكملها وجودا واكملها وجودا هو السماء الاولى فاكملها وجودا هو محرك السماء الاولى غير ان محرك السماء الاولى لما كان مبدا به وجود شيئين متباينين احدهما ما يتجوهر به السماء الاولى وهو جوهر جسمانى او متجسم والشىء الاخر هو محرك فلك الكواكب الثابتة وذلك ذات لا جسم ولا فى جسم فليس يمكن ان يعطى الامرين جميعا بجهة واحدة وامر واحد فى ذاته مما به تجوهره بل بطبيعتين احداهما اكمل من الاخرى اذ كان التى بها اعطى الشىء الاكمل الذى ليس بجسم ولا فى جسم اكمل من التى اعطى بها ما هو جسمانى وهو الانقص فهو اذن انما يتجوهر بطبيعتين بهما وجوده فلوجوده اذن مبدا اذ كان ما ينقسم اليه هو السبب فيما يتجوهر به فاذن ليس يمكن ان يكون محرك السماء الاولى هو المبدأ الاول للموجودات كلها بل له مبدا ضرورة وذلك المبدا لا محالة اكمل وجودا منه
واذ محرك السماء الاولى لا مادة ولا فى مادة لزم ضرورة ان يكون عقلا فى جوهره فهو يعقل ذاته وذات الشىء الذى هو مبدا وجوده فظاهر ان ما عقل من مبدا وجوده اكمل طبيعتيه التى تخصه انقصهما وليس يحتاج فى ان تنقسم ذاته الى طبيعتين الى شىء اخر غير هذين
فاما مبداه الذى هو مبدا ما يتجوهر به محرك السماء الاولى فهو واحد من كل الجهات اضطرارا وليس يمكن ان يكون موجود اكمل منه ولا ان يكون له مبدا فهو اذا مبدا المبادى كلها ومبدا اول للموجودات كلها وهذا هو العقل الذى يذكره ارسطو فى
صفحة ٣٥