وقد توسع الشيخ المحدث محمد العربي التباني في نقض أخبار ابن سبأ في كتابه في أماكن متفرقة والغريب أن الدكتور العودة لما عرض آراء الناس في ابن سبأ أخفى رأي المعلمي ورأي التباني! ولا أدري هل أخفاهما جهلا بهما - وهما من هما - أو أخفاهما تعمدا! مع أنه قد أورد أقوالا لليهود والنصارى والشيعة! فكان نقل آراء هؤلاء الأعلام من (أهل السنة) أولى، لكنه يظهر أنه رأى أن الرد على هؤلاء صعب بعكس الشيعة والمستشرقين الذين يكفي الدكتور في نقض آرائهم أن يبين عقائدهم فقط! ثم يجعل هذا كله في باب (التآمر على تاريخ الإسلام!) وهكذا تسير الأمور بهذه السهولة!
وكذلك الدكتور علي سامي النشار - وهو صاحب دراسات إسلامية رائدة - انتهى إلى أنه (من المحتمل أن تكون شخصية عبد الله بن سبأ شخصية موضوعة أو أنها رمزت إلى شخصية عمار بن ياسر) ! ثم قال: (ومن المحتمل أن يكون عبد الله بن سبأ هو مجرد تغليف لاسم عمار بن ياسر!) ثم ذكر أن الأمويين والنواصب (كذبوا على عمار بن ياسر بتلك الآراء) ويرى أن مسألة عبد الله بن سبأ من وضع اليهود والغنوصية! ورغم تحفظي على هذه النتائج إلا أنها أفضل مما يسطره الدكتور العودة في رسالته تقليدا لسيف بن عمر واتهاما للصحابة بالغفلة ومطاوعة اليهود! فهذا هو الطرح (المشبوه) وليس نفي عبد الله بن سبأ! لكن العودة لا يعرف أن هذا الطرح خطير ومشبوه لأنه لم يصدق المحدثين في اتهام سيف بالزندقة والكذب والضعف! وهو اليوم أكثر إصرارا على الدفاع عن زندقة سيف لأن هذه الزندقة في سيف أصبحت تقوم فوقها رسالة الدكتور العودة! وهو غير مستعد أبدا للاعتراف بزندقة الذي كان له الفضل في أعطائه كل هذه المكاسب! ونكران الجميل ليس من شيم العرب! والخلاصة في الأمر: أن المعلمي والتباني وغيرهم من الذين ينفون دور ابن سبأ يرون في إثباته طعنا في الصحابة والجيل الأول أكثر مما يراه الدكتور من ذلك عند نفيها!!.
صفحة ١٠٨