واختلف المفسرون (^١)؛ فقال قوم: المعنى أن هؤلاء كانوا يؤذون النبي ﵌ فيبلغه أذاهم، فيصدّق من بَلّغه، فيلومهم بعض المؤمنين فيما قالوه، فيجحدون، ويقولون (^٢): محمد أذن.
وقال قوم: بل المعنى أنهم كانوا يؤذون النبي ﵌. ويقولون: لا علينا أن نقول ما شئنا، فإذا بلغ محمدًا، فلامنا، أتيناه فجحدنا ذلك، وحلفنا له فصدَّقَنا، فإنه أذن.
والمعنى الأول هو الصواب إن شاء الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾ الظاهر أن الخطاب هنا عام، كأنه قيل: خير لكم أيها الناس، ويشهد له قوله فيما بعد: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾.
وخصَّ جماعةٌ الخطاب بالمؤذِين القائلين: هو أذن.
وعليه، فوَجْه كون إيمان الرسول بالله وإيمانه للمؤمنين خيرًا لهم أنه ﵌ إذا عرف أذاهم يَعِظُهم ويذكِّرهم، وفي ذلك أعظم الخير لهم إن انتفعوا به، فإن لم ينتفعوا فخير رفضوه.
وقوله تعالى: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ فيه معنى التصديق بما يوحى إليه، وذلك تنبيه على أن من أخبارهم التي يحاولون جَحْدها ما جاء به الوحي من عند الله ﷿.
(^١) انظر تفسير ابن جرير: (١١/ ٣٥٤ - ٣٥٦)، وابن عطية: (٣/ ٥٢).
(^٢) غير محررة في الأصل، ولعلها ما أثبت.