3
وبهذا الرأي يقول الشيعة الإمامية جميعا، وهو ما يتمايزون به عن جمهور أهل السنة، وأيد الشيعة الإمامية ومنهم الإسماعيلية هذا الرأي، بقصة تروي أن النبي بعد أن أدى حجة الوداع ونزل عند «غدير خم» في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، هناك أنزل عليه قوله تعالى:
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ، فذهب الشيعة إلى أن النبي الكريم صدع بأمر ربه وأمر بالصلاة، حتى إذا انتهى منها أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: «ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قالوا: بلى. قال: «ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟» قالوا: بلى. قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار.» واعتبر الشيعة قول الرسول - عليه السلام - تبليغا لأمر الله تعالى، ونصا صريحا بوجوب اتباع علي وولايته، ومن بعده من ذريته المنصوص عليهم. وقد أخرج أحمد بن حنبل في مسنده الكبير من حديث البراء بن عازب هذه القصة وأتبعها بقوله: «فلقيه - أي لقي عليا - عمر بن الخطاب، فقال: هنيئا لك يابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة.»
4
فالشيعة الإمامية على اتفاق مع الإسماعيلية في وجوب ولاية الوصي علي بن أبي طالب، ويروون عن النبي أحاديث كثيرة في شأن علي، مثل قولهم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها.» و«علي مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.» و«أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي.» و«النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض.» و«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.» و«أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تركها غرق.» و«إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي.»
5
واشترك الفاطميون في رواية هذه الأحاديث وغيرها.
واتخذ الفاطميون دليلا آخر أخذوه من تاريخ الأنبياء الذين سبقوا دور محمد - عليه السلام - فذهبوا إلى أن لكل نبي وصيا يكل إليه أمر المؤمنين، وأن الله تعالى هو الذي يوحي إلى نبيه بإعلان من اختاره الله وصيا لنبيه، وخليفة له، فكان وصي آدم هابيل، ووصي نوح ابنه سام، ووصي إبراهيم ابنه إسماعيل، وكان وصي موسى أخاه هارون، ووصي عيسى بن مريم حواريه شمعون الصفا - سمعان بن يونا المعروف بالصفا
6 - فوجب أن يكون لمحمد وصي، شأنه في ذلك شأن غيره من الأنبياء السابقين، وأن الله تعالى اختار علي بن أبي طالب لمرتبة الوصاية، ويخيل إلي أن الفاطميين أخذوا هذا الرأي مما جاء في إنجيل يوحنا في مواضع متعددة أن سمعان بن يونا هو الذي سماه المسيح بطرس أو صفا، وأمره المسيح أن يرعى بعده خرافه أي جماعة المؤمنين، فصبغ الشيعة هذه العقيدة بالصبغة الإسلامية، اتخذوا لها أدلة من القرآن والأحاديث، على أن الإسماعيلية الذين جعلوا عليا وصيا للنبي جعلوا عليا من ناحية أخرى يشارك النبي في كل صفاته وخصائصه وفضائله، إلا في مرتبة النبوة والرسالة اللتين خص بهما النبي وحده، فكل الآيات القرآنية التي جاءت في النبي كقوله تعالى:
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، و
صفحة غير معروفة