375

في الأدب الحديث

تصانيف

إن أسطورة العقل الآري وفضله على العقل السامي, التي طالما رددها أدباؤنا من غير أن يفطنوا إلى ما فيها من شعوبية كامنة، ومن غير أن يتبينوا وجه الصواب بعد أن غشى عليهم الحق ما عليه الشعوب العربية من هوان وضعف، فاعتقدوا باطلا أن الحق مع القوة, وأن العقلية الآرية لابد أن تكون متفوقة ما دام أصحاب هذه العقلية هم المسيطرون على شعوب الأرض, إن هذه الأسطورة تنم عن تعصب مكين في نفوس قائليها, وعلى مغالطة ظاهرة، فهذا "أرنست رينان" وهو من غلاة الشعوبيين وأشدهم قسوة على العرب ودينهم, والساميين وعلقليتهم, يقرر ما أورده أحمد أمين, ويحقر من العقلية السامية1 ويقول: "يبدو أن التفكير الفلسفي للبحث عن الحقيقة كان وقفا على الجنس المسمى بالهندي الأوربي, أو الآري الذي يمتد من الهند إلى أقصى الغرب, وإلى أقصى الشمال، والذي كان يبحث منذ أقدم العصور إلى الآن في تفسير الله والإنسان والعالم تفسيرا عقليا, وقد ترك وراءه في كل مراحل تاريخه آثارا فلسفية خاضعة لنواميس تطور منطقي، أما الساميون فإنهم بدون تفكير أو تدليل -أي بدون # فسلفة- وصلوا إلى أصفى وأنقى صورة دينية عرفها التاريخ.. والساميون تنقصهم الدهشة التي تدعو إلى التساؤل والتفكير؛ لأن اعتقادهم في قدرة الله يجعلهم لا يدهشون لشيء".

ثم ينتقل إلى الخصائص الأدبية التي ميزت العرب بالشعر, ووصمت غيرهم بالقصة, فيقول: "والتوحيد أثر أيضا في الشعر العربي؛ لأن الشعر العربي يعوزه الاختلاف، فموضوعات الشعر -أي: أغراضه- محدودة، قليلة العدد جدا عند الساميين، والشعر العربي الذي تمثله القصيدة يعبر عن إحساس شخصي، وعن حالة نفسية خاصة, والأبطال في هذه الشعر نفس منشئيه، وهذه الصفة الشخصية التي تجدها في الشعر العربي والشعر الإسرائيلي ترجع إلى خاصية أخرى من خصائص النفس السامية، وهي انعدام المخيلة الخالقة، ومن هنا لا نجد عندهم أثر للشعر القصصي أو التمثيلي"1.

صفحة ٣٩٩