[1] فبقدر هذا الفن الذى وصفنا حال اعضاء اجواف اجناس الحيوان وحال البطن وكل واحد من الاعضاء اعنى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا. وللحيوان ايضا الذى ليس له رجلان مثل الحيات فان طباع الحيات مناسب لهذا الحيوان الذى ذكرنا لان الحيات شبيهة بسام ابرص مستطيلة الجثة ليس لها رجلان. ولبعض هذا الحيوان رئة لانه مشاء وليس لبعضه رئة بل نغانغ بدل الرئة. وليس لشئ من هذا الصنف من اصناف الحيوان مثانة ولا للسمك ما خلا السلحفاة وذلك لان الرطوبة تفنى فى التفليس. ورطوبة هذا الحيوان قليلة جدا ليس لان الرئة عادمة دم كما يعرض للطائر فان رطوبة جسد الطائر تميل الى الريش فرطوبة اجساد هذا الحيوان قليلة شبيهة بقلة رطوبة اجساد الطائر. ومن اجل هذه العلة اذا خرجت فضلة الرطوبة من الحيوان الذى له مثانة ووضعت فى آنية تجتمع فى اسفلها فضلة مالحة لان ما كان فى تلك الرطوبة من الماء العذب الذى يشرب قد فنى وصار الى اللحم للطفه وخفته. وبين الحيات والافاعى اختلاف مثل الاختلاف الذى بين السمك فان بين الحيوان الذى يسمى صلاخى وبين الحيوان البحرى اختلاف من اجل ان الذى يسمى صلاخى يلد حيوانا فى البر والافاعى يلد حيوانا بعد ان يبيض بيضا فى اجوافها اولا. ولجميع هذا الحيوان بطن واحد مثل ما لسائر الحيوان الذى له اسنان فى الفكين وله اعضاء جوف صار جدا مثل الحيوان الآخر الذى لا مثانة له. فاما الحيات فاعضاء اجوافها ضيقة مستطيلة لحال خلقة اجسادها اعنى لانها مستطيلة ضيقة فليس تشبه اعضاء اجواف سائر الحيوان لان تلك الاعضاء جيدة الخلقة حسنة الشكل لسعة الاماكن التى هى فيها ولهذا الحيوان المعاء الذى يسمى الاوسط وسائر المعاء وله ايضا حجاب بعد القلب اعنى ان لجميع الحيوان الدمى هذه الاعضاء وليس لكله رئة ووريد خشن ما خلا السمك. ووضع العرق الخشن والمرىء فى جميع الحيوان الذى له هذه الاعضاء على حال واحدة لحال العلل التى ذكرنا فيما سلف. [2] ولكثير من الحيوان الدمى مرة والمرة توجد فى بعض الحيوان على الكبد وتوجد فى بعضها متعلقة بالمعاء من اجل ان طباع المرة من طباع البطن الاسفل ليس بدون غيرها. وذلك خاصة بين فى السمك فان لجميع السمك مرة. فاما فى سائر الحيوان فالمرة توجد قريبا من المعاء وربما كانت المرة منسوجة مع كل المعاء مثل ما توجد فى الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية اميا وكثير من الحيات على مثل هذه الحال. فمن هذا يستبين ان الذين يزعمون ان طباع المرة خلق لحال الحس مخطئون. فانهم يقولون ان المرة جعلت لكى تلدغ الكبد وتصيره جيد الحس. وينبغى ان نعلم انه ليس لبعض الحيوان مرة البتة مثل الفرس والبغل والحمار والفيل والحيوان الذى يسمى باليونانية برقس وليس للجمل ايضا مرة مفردة منفردة بل عروق صغار فيها مرة. وليس للحيوان الذى يسمى باليونانية فوقى مرة ولا للدلفين وفى اجناس الحيوان التى هى فهى ربما وجدت مرة فى بعضها وربما لم توجد فى بعضها مثل ما يصاب فى جنس الفار. ومرة الانسان على مثل هذه الحال اعنى ان من الناس من له مرة ظاهرة على كبده ومنهم من ليس له مرة ظاهرة ولذلك يعرض الشك فى حال هذا الجنس. ولذلك يظن ان لجميع الناس مرة ومثل هذا العرض يعرض للمعزى والغنم اعنى ان لكثرتها مرة وربما كانت تلك المرة كثيرة بقدر ما يظن ان كثرتها عجب من العجائب كما عرض فى الدهر السالف فى البلدة التى تسمى باليونانية ناقسوس. وليس لبعض هذا الحيوان مرة مثل ما عرض فى البلدة التى تسمى باليونانية خلقس من كورة اوبوا. وكما قلنا فى المرة توجد فى اجواف السمك بعيدة من الكبد. وانا اظن ان اصحاب انقسغوراس مخطئون فى فولهم فى المرة حيت زعموا انها تكون علة الامراض الحادة لانها اذا كثرت سالت الى الرئة والاضلاع واسفل الحجاب. فانه بقدر قول القائل ليس مرة للذين تعرض هذه الامراض لهم ولو كان ذلك لعرف واستبان بالشق. وايضا الكثرة التى تكون فى الامراض والتى تنضج منها غير موافق لما قالوا. ولكن يشبه ان تكون المرة مثل سائر الجسد وليس لحال شىء آخر مثل الثفل الذى يجتمع فى البطن والمعاء. وربما استعمل الطباع بعض الفضول فى نوع من انواع المنفعة. وليس ينبغى لنا ان نوجب هذه العلة ونقول ان جميع هذه الحال لشىء بل لان بعضها مثل هذه باضطرار تعرض أخر لحالها باضطرار. ففى الذين يكون طباع الكبد صحيحا وطباع الدم حلوا اعنى طباع الدم الذى يصير الى الكبد اما لا تكون مرة البتة واما توجد فى عروق دقيقة جدا واما توجد فى بعض وفى بعض لا توجد. ولذلك تكون اكباد الذين ليس لهم مرة جيدة الالوان وهى فى الكل احلى من غيرها بقدر قول القائل. واذا كانت لشئ من الحيوان مرة يوجد جزء الكبد الذى تحت المرة حلوا جدا فاما انا كان تقويم المرة من تنقية قليلة فالفضلة تكون على خلاف ذلك الغذاء لانه ينبغى ان يكون مزاج الفضلة مخالفة لمزاح الغذاء. ولذلك صار المر ضدا للحلو والدم الصحيح حلو. فهو بين من الحجج التى احتججنا ان خلقة المرة ليست لحال شئ بل هى فضلة تنقية. ولذلك ينبغى لنا ان نعجب من قول القدماء الذين يزعمون ان عدم المرة يكون علة طول العمر وكثرة الحياة ولانهم نظروا فى الحيوان الذى له حوافر والايلة اعنى انه ليس لها مرة وانها تبقى زمانا كثيرا وايضا من الحيوان ما لم يعاينوه ولم يعلموا انه ليس له مرة مثل الدلفين والجمل فان هذين الصنفين من الحيوان طويلا العمر. وقد كان مما ينبغى ان يكون طباع الكبد علة قلة [ال] عمر لانه عضو مسود محتاح اليه باضطرار فى جميع الحيوان الدمى لان للكبد فضلة مثل هذه وليس لسائر الاعضاء فضلة اخرى مثلها. وليس يمكن ان تدنو من القلب رطوبة مثل هذه البتة لان القلب لا يحتمل شيئا من الاوجاع القوية البتة. والكبد من الاعضاء التى يحتاح اليها الحيوان باضطرار ولذلك يعرض هذا العرض للكبد فقط. ومن الخطأ ان يظن ان [البلعم] الخام الذى يعاين حيثما كان وثفل البطن فضلة ومرة وليس فى ذلك اختلاف من قبل الاماكن. فقد بينا العلة التى من اجلها فى اجساد بعض الحيوان مرة وليس فى بعضها مرة. [3] وقد بقى ذكر حال المعاء الاوسط والمراق فى هذا المكان وهى مع هذه الاعضاء. وانما المراق صفاق فيه ثرب فى الحيوان الذى له ثرب وفيه شحم فى الحيوان الذى له شحم. وقد قلنا وبينا فيما سلف حال الشحم والثرب ولاى علة تكون. وانما المراق موضوع بنوع واحد فى الحيوان الذى له بطن واحد والحيوان الذى له بطون كثيرة من وسط البطن حيت يكون عكر البطن وينتهى الى سائر البطن. وكثرة المعاء على حال واحدة فى الحيوان الدمى البرى والمائى فكينونة هذا العضو تعرض باضطرار لان آخر ما يكون من سخونة خلط اليابس والرطب يصير ابدا جلديا او صفاقيا وهذا المكان مملوء من غذاء مثل هذا وايضا لحال صفاقة الصفاق فباضطرار يكون دسما كلما صفى من الغذاء الدمى. فهذا اذا انطبخ بالحرارة التى تلى المكان لحال لطفه ورقته يكون ثربا بدل التقويم اللحمى والدمى وربما كان شحما. فبهذا النوع يعرض تقويم وولاد المراق. وانما تستعمله الطبيعة لحال جودة نضوج وطبخ الطعام لكى يكون طبخ ونضوج طعام الحيوان يسيرا سريعا لان الحار منضج والسمين حار والمراق دسم. ولذلك ابتدأ وضعه من وسط البطن لان نضوج الطعام يكون من ناحية الكبد فى ذلك المكان. فقد ذكرنا حال المراق وعلته فاما الذى يسمى المعاء الاوسط فهو صفاق وهو يمتد متصلا من امتداد المعاء حتى يصير الى العرق العظيم والعرق الذى يسمى اورطى وهو مملوء عروقا كثيرة صفيقة وتلك العروق تمتد من المعاء الى العرق العظيم والى العرق الذى يسمى اورطى. فكينونة المعاء الاوسط فى اجواف الحيوان باضطرار مثل سائر الاعضاء. وهو بين لاى علة صار هذا العضو فى جوف اجساد الحيوان الدمى لمن نظر فيه نظرا شافيا اعنى انه باضطرار ان يحتاح الحيوان الى ان يأخذ طعما من خارج ومن ذلك الطعم يكون الغذاء الآخر الذى منه يؤدى الى جميع الاعضاء وهو فى الحيوان الدمى دم وفى غيره شىء آخر ملائم لذلك الدم. وانما يؤدى الدم بالعروق التى تخرج من البطن ويسير الى جميع الاعضاء فى الغذاء ويؤدى الى الاعضاء كما يودى غذاء الشجر من الاصول اعنى ان للشجر اصولا فى الارض ومن هناك يأخذ الغذاء فاما في الحيوان فقوة البطن والمعاء مثل قوة الارض ومنها يؤخذ غذاء الطعام. فلهذه العلة صار طباع المعاء الاوسط لان العروق التى تمر به مثل اصول. فلهذه العلة صارت خلقة المعاء الاوسط. [و]فى الاقاويل التى سنضع فى حال ولاد الحيوان والغذاء [و]سنذكر باى نوع يأخذ الغذاء وكيف يدخل فى العروق بالطعام الذى يصل الى هذه الاعضاء ويؤدى الى العروق. وقد ذكرنا حال الحيوان الدمى وبينا حال جميع اعضائه حتى انتهينا الى ذكر الاعضاء المميزة المحدودة وقلنا العلل التى من اجلها صارت. وقد بقى ان نذكر حال الاعضاء الموافقة للولاد اعنى التى بها تختلف الذكورة والاناث. فان هذا الذى بقى وهو يتلو ما ذكرنا من امر الولاد. [ه] فينبغى لنا ان نذكر هذا ايضا فى اول ذكر تلك فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا والحيوان اللين الخزف ففيه اختلاف كثير اذا قيس الى هذا الحيوان الذى ذكرنا لانه ليس فيه شىء من طباع اعضاء الجوف ولا شئ من سائر اعضاء الحيوان الدمى. وقد بقى جنسان من الحيوان الذى لا دم له اعنى جنس الحيوان الخزفى الجلد وجنس الحيوان المحزز الجسد فليس لشىء من هذين الجنسين اعضاء جوف لانه ليس لها دم يكون طباع تقويم اعضائها منه لان تقويم طباعها مخالف لتقويم طباع الحيوان الدمى. وقد بينا فيما سلف ان بعض الحيوان دمى وبعضه عادم الدم وذلك بين فى القول الذى يحد ويميز ما بين اصناف الحيوان وجواهرها. وايضا ليس لهذه الاصناف شىء من العلل التى من اجلها يكون معاء الجوف فى الحيوان الذى لا دم له من اجل انه ليس لها عروق ولا مثانة ولا يتنفس وانما يكون لها العضو الذى يلائم القلب باضطرار من اجل ان العضو الذى فيه حس النفس والذى هو علة الحياة باضطرار يكون فى اول من اوائل الاعضاء والجسد فى جميع الحيوان. ولهذه الاصناف جميع الاعضاء الموافقة للطعم وذلك باضطرار. فاما الاماكن ففيها اختلاف من فبل ان الاماكن التى تقبل الطعم مختلفة. وفى افواه الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية مالاقيا سنان وفى افواهها ايضا عضو لحمى بدل اللسان وبه يحس بلذة اصناف الطعام. وكذلك للحيوان اللين الخزف السنان الاولان والعضو الذى يلائم اللسان لحمى وايضا لجميع الحيوان البحرى الخزفى الجلد هذا العضو لحال العلة التى هى فهى اعنى العلة التى ذكرنا انها فى الحيوان الدمى لحال اخذ الطعام. وكذلك الحيوان الذى لا دم له يقبل الطعام بالخرطوم الذى يخرج من فيه وانما يفعل ذلك صنف من اصناف الحيوان الذى ليس له دم مثل جنس النحل والذباب كما قلنا فيما سلف. فاما الذى ليس له خرطوم فى مقدم جثته يشبه حمة فله فى فمه عضو مثل هذا مثل جنس النحل وما كان مثله وشبيهه. فان لبعض هذا الصنف اسنان لا تشبه اسنان غيرها مثل جنس الذباب والنحل ومنه ما ليس له وهو الذى يطعم الطعام الرطب ولكثير من الحيوان المحزز الجسد ة اسنان ليس لحال الطعم بل لحال القوة. فاما بعض الحيوان البحرى الخزفى الجلد فله العضو الذى يسمى لسانا وهو قوى كما قلنا فى اول اقاويلنا. وللحيوان الذى يسمى باليونانية قوخلى سنان ايضا مع اللسان القوى مثل الحيوان اللين الخزف وللحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا معدة طويلة بعد الفم وبعد المعدة الطويلة حوصلة لاصقة بها مثل حوصلة الطير ثم بطن متصل بذلك وبعد البطن معاء مبسوط ينتهى الى مكان مخرج الفضلة. فما يلى البطن من الاعضاء فى الحيوان الذى يسمى باليونانية سيبيا والحيوان الكثير الارجل شبيه بعضه ببعض بالاشكال وحس المس. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية طاوتيس فله عضوان تشبهان البطون يقبل بهما الطعام غير ان احد العضوين اقل شبها بالحوصلة. وبين هذين العضوين اختلاف بالاشكال لان كل الجسد ايضا مقوم من اللحم اللين فاعضاء هذا الحيوان على مثل هذه الحال للعلة التى هى فهى اعنى العلة التى من اجلها تكون على مثل هذه الحال فى الطير لانه لا يمكن ان يطحن ولا يلين الطعم شئ من هذا الحيوان البتة. ومن اجل ذلك صار خلقة الحوصلة قبل البطن. ولهذا الحيوان رطوبة المنى فى وعاء صفاقى لحال السلامة والمعونة وذلك الوعاء لاصق بالمكان الذى منه مخرج الفضلة التى تخرج من المعاء الذى يلى البطن حيث العضو الذى يسمى انبوبا وهو مما يلى ناحية الظهر. وهذا العضو فى جميع الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا وخاصة فى الذى يسمى سيبيا فانه فيه كبير واذا فزع هذا الحيوان اخرج الرطوبة السوداء ويرها مثل سياج وحائط حول جثته لانه يكدر بها الماء. فللحيوان الكثير الارجل والحيوان الذى يسمى باليونانية طاوتيداس منى فى الناحية العليا على العضو الذى يسمى باليونانية ميطيس. فاما الحيوان الذى يسمى سيبيا فله هذه الفضلة اسفل قريب من البطن لان هذه الرطوبة فيه اكثر لانه يستعملها فيما ذكرنا آنفا وانما يعرض له ذلك لان اكثر مأواه وتدبير حياته فى قرب البر وليس له معونة اخرى مثل المعونة التى للحيوان الكثير الارجل اعنى التفليس الذى فى رجليه فانه يلزم ويتشبك بذلك التفليس بجميع ما يدنو منه. فللحيوان الكثير الارجل موافقة هذه الاعضاء التي يتشبك بها وتغيير اللون الذى يعرض له لحال الجزع كما يعرض له خروج المنى من الجزع ايضا. فاما الحيوان الذى يسمى طاوتيس فهو بحرى من هذه الاصناف فقط وفى الحيوان الذى يسمى سيبيا كثير من هذه الفضلة الرطبة وهى فى الناحية السفلى لكثرتها. واذا كانت الفضلة كثيرة كانت ايسر لخروجها وبلوغها الى مكان بعيد وانما تكون هذه الفضلة مثل الثفل الابيض الارضى الذى يكون على الفضلة فى اجساد الطائر. فبهذا النوع يكون المنى فى هذا الحيوان ايضا لانه ليس له مثانة وانما يخرج فيه الجزء الارضى جدا وهو فى الحيوان الذى يسمى سيبيا كثير لان الجزء الارضى فيه كثير. والدليل على ذلك جلده الذى هو على مثل هذه الحال وليس للحيوان الكثير الارجل مثله. فاما فى الحيوان الذى يسمى طاوتيداس فهو غضزوفى دقيق وقد قلنا فيما سلف لاى علة يكون هذا الجزء فى بعض الحيوان ولا يكون فى بعض وفى اى الاجناس يكون. ويعرض هذا العرض للحيوان الذى ذكرنا لانه ليس له دم وكذلك يعرض لغيره من الحيوان اعنى انه اذا جزع سهل بطنه والقى الفضلة ومن الحيوان ما اذا جزع سالت الفضلة التى فى مثانته وذلك يعرض له باضطرار لحال الجزع كما يعرض للحيوان الذى يخرج الفضلة من مثانته اذا فزع. والطباع يستعمل هذه الفضلة لحال السلامة والمعونة. ومن اجل هذه العلة للسراطين والحيوان اللين الخزف وللحيوان الذى يشبه الحيوان الذى يسمى قارابو سنان فى اول مقاديم الاسنان فبينهما العضو الذى يشبه اللسان كما قلنا فيما سلف ثم الفم وبعد الفم معدة صغيرة بقدر عظم الاجساد وقياس صغيرها الى كبيرها وبعد المعدة بطن وفيه اسنان أخر موجودة فى بعض السراطين والحيوان الذى يسمى قارابو لان الاسنان التى فى الناحية العليا لا تقطع الطعام قطعا فيه كفاية وبعد البطن معاء مبسوط ينتهى الى موضع خروج الفضلة. وفى كل واحد من الحيوان الخزفى الجلد هذه الاعضاء وهى فى بعض الحيوان مفصلة تفصيلا اكثر وفى بعض مفصلة تفصيلا دون. فاما فى الحيوان الاعظم الجثة فهذه الاعضاء ابين وللحيوان الذى يسمى قوخلى اسنان جاسية حادة كما قلنا فيما سلف والعضو الذى بين الاسنان لحمى مثل عضو الحيوان الذى يسمى مالاقيا والحيوان اللين الخزف وله خرطوم كما قلنا اولا وخلقة ذلك الخرطوم فيما بين خلقة الحمة واللسان. وبعد الفم عضو شبيه بحوصلة الطير وبعد ذلك العضو المعدة وبعد المعدة البطن وفيه الفضلة التى تسمى باليونانية مقيون وبعد البطن معاء مبسوط اوله من الذى يسمى مفيون وهذه الفضلة فى جميع الحيوان الخزفى الجلد خاصة وهو يظن ان يكون مأكولا. وحال سائر الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى باليونانية اسطرنبوس مثل حال الصنف الذى يسمى فوخلوس اعنى مثل الذى يسمى بورفيرى وقيرقاس. وفى اجناس الحيوان الخزفى الجلد اجناس واصناف كثيبرة لان بعضها يشبه الحيوان الذى يسمى اسطرنبوس مثل الذى ذكرنا آنفا ومنها ما له بابان ومنها ما له باب واحد. وبنوع من الانواع الحيوان الذى يشبه الحيوان ااذى يسمى اسطرنبوس يشبه الصنف الذى له بابان لان له اعطية على ما ظهر من لحمه وذلك يوجد فى جميع هذا الصنف من وقت الولاد مثل الذى يسمى بورفيرى وقيرقاس ونيريطى وكل جنس يكون على مثل هذه الحال. وانما ذلك ليكون شبيه معونة وقوة ولو لم يكن الخزف يسقف اجسادها لكانت الضرورة اسرع اليها من جميع الاشياء التى توافقها وتلقاها من خارج. فاما الحيوان الذى له باب واحد [ف] يسلم لان خزفه قوى فى ناحية مؤخر جسده وتكون له تلك الخزفة مثل بابين لحال الغطاء القريب مثل الحيوان الذى يسمى لوباداس. فاما الذى له بابان فانه يسلم لانه يجمع البابين ويغلقها مثل الذى يسمى اقطانيس ومواس. فاما الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس فو يسلم بالعضو الذى يشبه غطاء لانه يكون له مثل بابان بعد ان كان له باب واحد. فاما القنفذ خاصة [فله] وقى اكثر من جميع هذه الاصناف لان الخزف يحيط به ملتئما محرزا بالشوك فله هذه الخصوصية من بين الحيوان الخزفى الجلد كما قيل اولا لان طباعه مقوم من تقويم بين طباع الحيوان اللين الخزف والحيوان الخزفى الجلد على خلاف الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا لان فى بعضه الجزء الارضى من خارج وفى بعضه الجزء اللحمى من خارج. فاما القنفذ فليس فيه شىء لحمى فجميع اعضاءه كما وصفنا. ولجميع الحيوان الخزفى الجلد افواه والعضو الذى يشبه اللسان وبطن والعضو الذى منه تخرج الفضلة وفيها اختلاف من قبل الوضع والاعظام. ومن اراد معرفة ما وصفنا يقينا فليعلم ذلك من الاقاويل التى وضعنا فى صفة الحيوان ومن شق الاجساد فانه سيعلم ذلك من الكلام ومن المعاينة. وللحيوان الذى يسمى قنفذ والذى يسمى باليونانية طيتواس شىء خاص من بين الحيوان الخزفى الجلد وللقنافذ خمسة اسنان وفيما بين ذلك العضو اللحمى الذى فى جميع الاصناف التى وصفنا. وبعد ذلك العضو معدة تتلوه وبعد المعدة بطن مجزأ باجزاء كثيرة وتلك الاجزاء مثل حيوان له بطون كثيرة وتلك البطون مفترقة مملوؤة من فضلة الطعام وتلك البطون تخرج من المعدة وهى متعلقة بها ومنتهاها الى موضع خروج الفضلة. ولي فى بطونها شىء لحمى البتة كما قلنا اولا وفى تلك البطون بيض كثير العدة كل واحد منها فى صفاق على حدته وهى مبددة حول المعدة سود اللون. وليس لها اسم خاص لان اجناس القنافذ كثيرة وليس لها جنس واحد مفرد ففى جميع اجناس القنافذ بيض ولكن ليس بمأكول ما خلا البيض الذى يطفو. وبيض القنافذ صغير وبقول كلى هذا العرض يعرض لجميع اجناس الحيوان الخزفى الجلد لان لحوم جميعها ليست بمأكولة بنوع واحد والفضلة التى يسمى بعض الناس باليونانية ميقون تكون فى بعضها مأكولة وفى بعضها على خلاف ذلك وهى تكون فى الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس فى التواء المعاء. فاما فى الصنف الذى له باب واحد ففى آخر المعاء مثل ما يوجد فى الصنف الذى يسمى لوباس. فاما فى الصنف الذى له بابان فعند الالتئام. فاما البيض فهو يكون فى الناحية اليمنى وفى الناحية اليسرى مخرج الفضلة وليس يسمى ذلك بيضا بنوع صواب لانه يكون فى هذا الحيوان مثل ما يكون الشحم فى الحيوان الدمى اذا اخصب ولذلك يكون فى ازمان السنة التى فيها يخصب اعنى الخريف والربيع. فانه اذا كان زمان شدة البرد وزمان شدة الحر تسوء حال جميع الحيوان الخزفى الجلد ولا يحتمل افراط الحر والبرد. وعلامة ذلك العرض الذى يعرض للقنافذ فان هذا الجزء يكون فى هذا الحيوان من ساعته ولا سيما اذا كان امتلاء القمر ليس لانه يرعى رعيا اكثر كما يظن بعض الناس بل لان ليالى امتلاء القمر اسخن لحال ضوء القمر ومن اجل ان الحيوان غير دمى ولذلك يجد البرد جدا ويحتاج الى الدفاء. ولحال هذه العلة يخصب هذا الحيوان فى كل موضع ما خلا ما يكون منه فى ناحية البحر الذى يسمى باليونانية بوريوس اوريبوس فان حاله تكون مثل حاله فى الشتاء وليس بدون ذلك. وانما يعرض هذا العرض لان جميع هذه الاصناف يجد رعيا كثيرا ولا سيما لان السمك فى ذلك الزمان ينتقل من اماكنه. وفى جميع اجواف القنافذ بيض فرد العدد اعنى ان فى جميع اجوافها خمس بيضات وعدة اسنانها مثل هذه وعدة بطونها. وعلة ذلك من قبل ان ذلك الذى يسمى بيضة ليس هو بيضة كما قلنا اولا بل شئ شبيه بشحم الحيوان الذى يكون تقويمه من الخصب وحسن الحال. وانما يكون هذا الذى يسمى بيضة من الناحية اليمنى والقنفذ مستدير الجثة من كل ناحية وليس هو مثل اجساد سائر اصناف الحلزون لانه ليس فى جسد القنفذ اختلاف ولا هو مستدير فى ناحية وعلى خلاف ذلك فى باقيه بل هو مستوى الاستدارة من كل ناحية. فمن اجل هذه العلة تكون البيضة على مثل هذه الحال. ورأس جميع الصنف الذى وصفنا فى وسط الجثة فاما رأس القنفذ ففى الناحية العليا من جثته. وليس يمكن ان يكون البيض متصلا ولا فى سائر الاصناف وانما خصوصية القنفذ استدارة جسده وعدة البيض اعنى ان عدته فرد ولو كانت ازواجا لكان كل بيضة قبالة الاخرى فى كل النواحى وليس وضع بيضة على مثل هذه الحال اعنى ان كل بيضة قبالة الاخرى. وليس يكون ذلك فى سائر الحلزون ايضا لان بيض جميع اصناف الحلزون والاصناف الذى يسمى امشاط فى ناحية واحدة من نواحى استدارة اجسادها. ولذلك تكون عدة بيضها اما خمسة واما ثلاثة وعلى كل حال تكون عدة البيض فردا. فلو كان البيض ثلاثة لكان بعضه بعيدا من بعض ولو كان اكثر من خمسة لكان متصلا متتابعا. فاما الامر الاول فليس بامثل ولا اجود فاما الامر الثانى فليس يمكن ولا مما يستطاع. فباضطرار صارت عدة بيض القنافذ خمسة. ومن اجل هذه العلة التى هى فهى تكون حال البطن بقدر هذا النوع ايضا وعدة كثرة الاسنان كمثل. وكل واحد من البيض مثل جسده موافق لصنف الحياة فذلك فيه باضطرار لان النشوء والتربية من هذا تكون فلو كانت البيضة واحدة لكانت على بعد او كانت تملأ جميع البطن وباضطرار كان يعرض للقنفذ ان يصير عسر الحركة ولا يمتلئ الوعاء من الغذاء. فاذا صارت عدة الاسنان خمسة وبينها خلل باضطرار عرض ان يكون البيض ايضا خمسة. فالطباع يؤدى شبه الاعضاء التى ذكرنا على مثل هذا النوع. فقد بينا العلة التى من اجلها صارت عدة بيض القنفذ خمسة وانما الخمسة من العدد الفرد. ولان بعض القنافذ اكبر واحر من بعض صار بيض بعضها كبارا وبيض بعضها صخارا. فان الحرارة قوية على الطبخ والنضج الاكثر. ومن اجل هذه العلة تكون التى ليس بمأكولة مملوءة فضلة. وحرارة الطباع تصيرها اكثر حركة ولذلك لا ثبتت فى مكان واحد بل تتحرل وتنتقل وترعى رعيا اجود. والدليل على ذلك الوسخ الذى يوجد على شوكها لكثرة حركتها فان القنافذ تستعمل الشوك مثل ما يستعمل سائر الحيوان اليدين والرجلين. فاما الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية طيتوا فليس بينه وبين طباع الشجر الا اختلاف يسير وعلى ذلك هو اقرب الى الحياة من الاسفنج اعنى الغيم. فلهذا الحيوان قوة شبيهة بقوة الشجر جدا والطباع ابدا ينتقل من الاجساد التى ليس لها انفس الى الحيوان وانما اولا ينتقل الطباع بالذى يقال حيوان وليس هو حيوان بحق ولذلك يتنقل الاختلاف الذى بين هذه الاشياء قليل جدا لحال قرب بعضها من بعض. والغيم لانه انا كان لاصقا بالمكان الذى يأوى فيه يعيش واذا فارقه يهلك يظن ان حاله مثل حال الشجر بكل نو ع. فاما الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية هولوتوريا والحيوان الذى يسمى رئه واصناف أخر فهى فى البحر مرسلة وليس فيها حس واحد وهو يعيش مثل شجر مرسل وفى الشحر الارضى مثل بعض هذه الاصناف. ومنها ما يكون فى شجر آخر ومنها ما يكون مرسلا مثل الحيوان الذى يخرج من الشجر الذى يسمى برناسوس وهو يسمى باليونانية ابيبطرون. وربما كان الصنف الذى يسمى طيتوا شىء مثل هذا وكل جنس يشبه ما ذكرنا ولان جميع هذه الاصناف لاصقة بالاماكن التى تأوى فيها تشبه الشجر ولان فيها جزء لحمى يقال انه يعيش ولها حياة. فجميع ما كان من الحيوان البحرى على مثل هذه الحال اقرب الى جنس الشجر من غيره وبحق يسمى باسمه. وليس لهذا الحيوان فضلة كما ليس للشجر وانما فى وسطه حجاب رقيق وفى ذلك الحجاب ينبغى ان تكون قوة الحياة. فاما الحيوان البحرى الذى يسميه بعض الناس باليونانية اقنيداس ومنهم من يسميه اقاليفاس فليس هو خزفى الجلد وهوخارج من طباع الاجناس التى ذكرنا لانه مشترك الطباع فيما بين طباع الحيوان وطباع الشجر. ولانه مرسل ويغذى ويحس بالاشياء التى توافقه ولانه يستعمل خشونة جسده لحال السلامة يشارك طباع الحيوان ولانه ليس بتام ولانه ملصق بالصخور عاجلا ينسب الى جنس الشجر. وليس لهذا الحيوان فضلة بينة وله فم. وكمثل هذا الحيوان ايضا الجنس الذى يسمى نجم فانه اذا وقع على شىء من اصناف الحلزون مص رطوبته وهو يشبه اجناس الحيوان البحرى الذى ذكرنا مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا والحيوان اللين الجلد. وهذا قولنا فى الحيوان الخزفى الجلد فان له اعضاء موضوعة بقدر النوع الذى ذكرنا فيما سلف. وينبغى ان بكون فيها عضو ملائم لعضو الحواس اعنى العضو المسود الذى يكون فى الحيوان الدمى لانه ينبغى ان يكون هذا العضو فى جميع الحيوان وهو يوجد فى الحيوان الذى يسمى مالاقيا موضوع فى صفاق وهو رطب ولذلك تكون المعدة ممتدة الى البطن وهى لاصقة فى ناحية الظهر وبعض الناس يسميها باليونانية ميطيس. ومثل هذا العضو يكون عضو آخر فى الحيوان الخزفى الجلد وهو يسمى ايضا باليونانية ميطيس وهو جسدانى رطب ويمتد الى ناحية البطن. وفيما بين ذلك المعدة ولو كان فيما بين هذا وما يلى الظهر لم يكن يستطيع ان يناله الطعام لحال جساوة الظهر. وعلى العضو الذى يسمى ميطيس يوجد المعاء من خارج والمنى قريب من الماء لكن يكون بعيدا من مدخل الطعام وتكون العسرة بعيدة من موضع القوة الاولى والامر الذى هو احق وامثل. وايضا لهذا الحيوان عضو ملائم للقلب وذلك يستبين من المكان اعنى أنه فى الموضع الذى يكون فيه القلب. والدليل على ذلك ايضا حلاوة الرطوبة لانها دمية مطبوخة. والعضو المسود الذى فيه قوة الحس يوجد فى الحيوان الخزفى الجلد على مثل هذا النوع غير انه ليس بين جدا. وينبغى ان نطلب ابدا هنا العضو الذى فيه قوة الحس فى وسط الجسد اعنى فيما بين العضو الذى يقبل الطعام والعضو الذى منه تخرج الفضلة والمنى. وذلك فى الحيوان الثابت. فاما الحيوان السيار فهو ابدا فى وسط الناحية اليمنى واليسرى. فاما فى الحيوان المحزز الجسد فالعضو الذى فيه هذه القوة الاولى يوجد فيما بين الرأس وسائر الجسد المحيط بالرأس كما ذكرنا فى الاقاويل الاوائل. وهذا العضو يوجد فى كثير من الحيوان الذى وصفنا واحدا وفى بعضها يوجد بكثرة مثل ما يصاب فى الحيوان الطويل الجثة الذى يسى باليونانية هيولوديس. ولذلك يعيش هذا الحيوان بعد ان يقطع لان الطباع يريد ان يصير فى جميع الحيوان هذا العضو خاصة فاذا لم يقو ان يصنعه بالفعل صنعه بالقوة بكثرة. والدليل على ذلك من قبل ان هذا العضو يوجد فى بعضها اميز وفى بعضها اخفى. فاما الاعضاء التى توافق الطعام فهى فى جميع هذا الحيوان ولكن بينها اختلافا كثيرا لان لبعضها العضو الذى يسمى حمة وهو مركب لان له قوة لسان وشفتين وفى بعض هذا الحيوان توجد هذه الحمة داخل من الاسنان وهو يحس بما ذكرنا. وبعد هذا العضو معاء مبسوط مستقيم الى موضع خروج الفضلة اعنى العضو الذى منه يخرج الزبل والمنى وهذا المعاء يوجد ملتويا فى بعض هذا الحيوان. ومن هذا الصنف ما له بطن بعد الفم والمعاء ملتو لكى يكون موضعا موافقا للطعام الاكثر واذا كان الحيوان اعظم جثة واكثر اكلا. فاما جنس الحيوان الصرار فله طباع خاص لان له هذا العضو وهو فم ولسان معا وهو ملتئم به يقبل الطعام كما يقبل الشجر من الاصل وطعمه من الرطوبات. فجميع الحيوان الذى ليس له دم قليل الغذاء لحال صغره وقلة حرارته. فاذ قد ذكرنا حال جميع الاعضاء التى تكون فى هذه الاصناف من اصناف الحيوان ينبغى لنا ان نعطف ايضا ونعود الى ذكر الاعضاء التى فى خارج الجسد. ولا نبدأ بذكر التى تركنا صفتها لكى لا نزيد فى تصنيفها لانها اقل جثثا واضعف من الحيوان التام الدمى. [6] فليس اعضاء الحيوان المحزز الجسد كثير العدد ولكن ان كانت اعضاؤه قليلة العدد فيها اختلاف كثير فان لبعضها ارجل كثيرة لحال ابطائها وبرد طباعها لكى تكون حركتها اسرع. ومن اجل هذه العلة صار الحيوان البارد الطباع الكثير الارجل خاصة لطول الجثة مثل جنس الحيوان الذى يسمى باليونانية يولوس. فانه لحال كثرة اللحم صارت اجساد هذا الحيوان محززة وكثرت ارجلها. فاما ما كان منها صغير الجثة قليل اللحم فله ارجل اقل من الأخر ولا سيما الطير المنفرد. فاما الطير الذى يكون مع سائر صنفه فله اربعة اجنحة وهو خفيف الجثة مثل النحل وسائر الحيوان الذى يشبهه وله رجلان فى الناحية اليمنى والناحية اليسرى. وليس له اكثر من اربعة ارجل لكى لا يكون ذلك ممتنعا لطعمه. فما صغر من هذا الحيوان جدا فله جناحان فقط مثل جنس الذباب وما كان من هذا الحيوان صغيرا وتدبير معاشه ثابت فله اجنحة كثيبرة مثل اجنحة النحل ولاجنحته غلف مثل الدبر وما اشبهه من الحيوان المحزز الجسد لكى تسلم قوة الاجنحة. ولان هذا الحيوان ثابت قليل الحركة تسرع اليه الضرورة اكثر من الحيوان الجيد الحركة ومن اجل هذه العلة لاجنحة غلف مثل سياج يسترها. وجناح هذا الحيوان مشفوق باثنين وليس له جدر يشبه انبوبة وليس جناحه من ريش بل هو صفاق من جلد. وباضطرار يفارق اجسادها ذلك الصفاق اذا برد الجزء اللحمى الذى فيها وانما هذا الحيوان محزز الجسد لحال العلل التى ذكرنا ولكى يسلم بعدم الآفات. ومن هذا التحزيز تجتمع اجسادها وتكون قصيرة بعد ان كانت طويلة ولم يكن يمكن ذلك الا بتحزيز اجسادها. وما كان منها غير ملتو فهو يجسو جساوة اكثر اذا اجتمع وانضم تحزيزها بعضه الى بعض. وذلك يستبين فى الجعل خاصة فانه انا فز ع لا يتحرل ويكون جسده جاسيا. وباضطرار صار هذا الحيوان محزز الجسد لانه فى طباعه ان تكون له اوائل كثيرة. وبهذا الفن يشبه الشجر. فهذا الحيوان يقوى على العيش بعد ان يقطع مثل الشجر ولكن هذا الحيوان انما يلبث حينا يسيرا بعد القطع فاما ما يقطع من الشجر فهو يكون ايضا تاما كامل الطباع ولذلك يكون من شجرة واحدة شجر كثير العدد. ولبعض الحيوان المحزز الجسد حمة ايضا لحال المعونة والقوة ودفع ما يضربه. وربما كانت الحمة لبعضها عند اللسان وربما كانت لبعضها خلف عند الذنب. وكما تكون آلة حس المشمة للفيلة موافقة للقوة واستعمال الطعام كذلك يكون لبعض الحيوان المحزز الجسد العضو المركب مع اللسان وبذلك العضو يحس هذا الحيوان بالطعم ويأخذه ويصيره الى جوفه. وما كان من صنف هذا الحيوان عادم الحمة فى مقدم جسده فله اسنان بعضها لحال الطعم وبعضها لاخذ الطعام وتسيره الى الجوف مثل النمل وجنس النحل. واما ما كانت حمته فى مؤخر الجسد فذلك يكون لان الغضب يهيج تلك الحمة ويصيرها مثل سلاح. ومن هذا الحيوان ما حمته فى داخل جسده وما حمته خارج ناتئ عن جسده مثل النحل والدبر لانه طير. ولو كانت حمة النحل والدبر خارج لهلكت وفسدت عاجلا لدقتها وضعفها ولو كانت الحمة من خارج وعلى مثل حمة العقارب لكانت علة ثقل. فاما العقارب فلانها تدب ولها حمة باضطرار صارت الحمة خارجا من الجسد وهى موافقة للقوة ايضا. وليس يمكن ان يكون حيوان له جناحان فقط ذو حمة من خلف لانه ضعيف ليس له دم. وهذا الصنف اعنى صنف الحيوان الصغير الجثة كثير العدد وكلما كان من هذا الصنف يحمل [على] الحيوان الذى اصغر منه. ولحال هذه العلة صارت حمة هذا الحيوان فى مقدم الجسد وليس يقوى على ان يلدغ بحمته من مقدم الجثة الا بعسر لحال ضعفه. فاما الصنف الكثير الاجنحة فلحال عظم جثته وقوة طباعه صارت له اجنحة كثيرة ولذلك يقوى بالاعضاء التى فى مؤخر الجسد. وهو امكن واشبه ان يكون العضو الواحد موافقا لعمل واحد ولذلك صارت الحمة دافعة للمكروه يجد بها. والحمة التى تشبه اللسان مجوفة جاذبة للطعام وحيث يمكن ان يستعمل الطباع عضوين فى عملين ولا يكون احدهما مانعا لعمل الآخر فهو يفعل لان الطباع لا يفعل شيئا باطلا. وربما استعمل الطباع العضو الواحد فى عملين مثل ما يفعل الحداد اذا هيأ منارة تكون منارة وسراجا واذا امكن الطباع ان يستعمل العضو الواحد الذى هو فهو فى اعمال كثيرة فعل. والرجلان التى فى مقدم بعض هذا الحيوان اكبر لانه جاسى العينين ولا يبصر بصرا حادا ولا يقوى على اخذ ما يريد الا بقوة مقاديم رجليه. وهو يظهر بالمعاينة ان هذا الحيوان يفعل مثل هذا الفعل الذى ذكرنا اعنى صنف الذباب والاصناف التى تشبه النحل فهى تأخذ ما تأخذ بمقاديم رجليها. فاما مؤخر رجليها فهى اكبر من الاوساط لحال المشى ولترتفع عاجلا عن الارض اذا ارادت ان ترتفع عنها وتطير. فاما ما كان ينزو منها فهو يفعل مثل هذا الفعل ابين من غيره مثل جنس الجراد وجنس البراغيث فانها تثنى رجليها ثم تبسطها وترتفع عن الارض من اجل انه باضطرار ينبغى ان يكون انثناء فى الرجلين مائلا الى داخل وليس يمكن ان يكون شىء من مقاديم الرجلين على مثل هذه الحال. ولجميع هذه الاصناف ستة ارجل مع الرجلين التى بها ينزو. [7] فاما جسد الحيوان الخزفى الجلد فليس هو كثير التجزئ وعلة ذلك من قبل ان طباعه ثابت. وينبغى ان تكون اجساد الحيوان الكثير الحركة كثيرة الاجزاء لحال كثرة اعمالها وافعالها. فهى تحتاج الى آلة كثيرة لان لها شركة حركات كثيرة. ومن اصناف هذا الحيوان الذى نصف ما لا يتحرك البتة ومنه ما له شركة حركة يسيرة. ولذلك وضع الطباع حول جسده جساوة وخشونة الخزف لحال السلامة. ومن هذا الحيوان ما له باب ومنه ما له بابان ومنه ما يشبه الحيوان الذى يسى باليونانية اسطرنبوس كما قلنا اولا. ومنه ما لجسده التواء مثل الذى يسمى باليونانية قرقاس وهو صنف من اصناف الحلزون ومنها ما هو مستدير الجسد مثل جنس القنافذ. وايضا من هذا الحيوان الذى له بابان ما يفتحهما ثم يغلقها مثل الذى يسمى مشط والذى يسمى باليونانية مواس ومنه ما يوجد ابوابه بعضها لاصقا ببعض مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية سوليناس وتفسيره بالعربية القنى وجميع الحيوان الخزفى الجلد مثل الشجر لان رأسه فى الناحية السفلى. وعلة ذلك من قبل انه انما يقبل الطعم من اسفل كما يغذى الشجر من ناحية الاصول. ولذلك يعرض لهذا الصنف ان تكون اعضاؤه السفلية فى الناحية العليا والاعضاء التى فوق فى الناحية السفلى وهو فى صفاق وبه يصفى الماء العذب ويقبل الطعم. ولجميع هذه الاصناف رؤوس فاما اعضاء اجسادها فليس هى مسماة ما خلا العضو القبول للطعام. [8] وجميع الحيوان السيار اللين الخزفى كثير الارجل واكثر اجناس هذا الصنف اربعة اعنى الصنف الذى يسمى باليونانية قارابو والذى يسمى استاقى والذى يسمى عقوسين والذى يسمى السرطان. ولكل صنف من هذه الاصناف اجناس كثيرة مختلفة ليست بالصورة فقط بل بعظم الجثة ايضا لان منها ما هو عظيم الجثة ومنها ما هو صغير الجثة جدا. فصنف السراطين وصنف الذى يسمى باليونانية قارابو يقارب بعضه بعضا بالمنظر لان لهذين الصنفين شفتين. وليس تكون الشفتان أعنى زبانتان فى هذا الحيوان لحال المسير والمشى بل لحال الأخذ والامساك بدل امساك اليدين. ولذلك ينثنى هتان الزبانتان على خلاف الاماكن التى ذكرنا ويذهب بعضها الى ناحية عمق اجسادها وبعضها الى ناحية اجسادها المستدير فهى تلويها بقدر الحاجة الداعية الى ذلك. فبهذا النوع تكون موافقة للاستعمال لكى تأخذ بها الطعام وتذهب به الى افواهها. وبين السراطين والصنف الذى يسمى باليونانية قارابو اختلاف من قبل ان للقارابو اذناب وليس للسراطين اذناب. وانما للقارابو اذناب لحال السباحة فهى تتوكأ على تلك الاذناب وتعوم مثل الصنف الذى يسمى باليونانية فلاطاس. وليس للسراطين حاجة الى مثل هذا العضو لان مأواها فى الاماكن التى تقرب من البر وانها تأوى فى شقوق وثقب الصخور. فاما ما كان منها بحريا فرجلاه اضعف كثيرا لقلة السير مثل السراطين التى تسمى باليونانية مايا والتى تسمى اراقليوتيقس من اجل انها لا تستعمل من السير الا القليل. ولحال سلامتها ضارت اجسادها مثل اجساد الحلزون ولذلك صار الصنف الذى يسمى باليونانية مايا دقيق الرجلين والصنف الذى يسمى اراقليوتيقس قصير الساقين. فاما صنف السراطين الصغار التى تصاد مع السمك الصخير فلها ارجل كبيرة عريضة موافقة للحاجة التى تراد لانها مثل اجنحة اعنى الارجل العريضة. فاما العقوسين فبينها وبين الاصناف التى تشبه السراطين اختلاف لان لها اذنابا. وبينها وبين التى تشبه قارابو اختلاف لانه ليس لها زربانتان فانها عدمت الزبانتين لكثرة ارجلها فصار نشوء الطبيعة فى الرجلين. وللعقوسين ارجل كثيرة لانها تعوم وليس تسير على رجليها. فاما الاعضاء التى فى ناحية رؤوسها وظهورها فبعضها موافقة لقبول الماء واخراجه. وتلك الاعضاء النغانغ كثيرة التشبيك وهذه الاعضاء فى الاناث اكثر منها فى الذكورة اعنى ذكورة الحيوان الذى يسمى قارابو [فاما] اناث السراطين فلها اعضاء اصفق واقوى فى ناحية الابواب التى بها تغلق وتفتح. ولذلك تبيض البيض فى ذلك الموضع وليس فى بعد منه كما يبيض السمل و سائر الاصناف التى تبيض لحال سعة المواضع وان جثثها اعظم. فالزبانة اليمنى التى تكون فى جميع السراطين وفى الاصناف التى تشبه قارابو اعظم واقوى من اجل ان الناحية اليمنى فى جميع الحيوان اقوى واعظم من الناحية اليسرى لان الطباع ابدا يصير القوة فى الاعناء التى يستعمل الحيوان مثل ما يعمل فى الاسنان [للحاجة] التى ينطبق بعضها على بعض والانياب النائية والقرون والمخاليب وجميع ما يشبه ما وصفنا من الاعضاء التى فى الحيوان لحال المعونة والقوة. اما الحيوان الذى يسمى باليونانية استاقو فله زبانتان والزبانة الكبرى تكون بالبخت فى الذكورة والاناث. والعلة التى من اجلها صارت له زبانتان لانه من جنس الحيوان الذى له زبانتان والاكبر يكون بالبخت لان طباع هذا الحيوان مضرور وليس يستعمل الزبانتين فى العمل الذى خلق له من قبل الطباع لكن يستعمله فى السير فقط. ومن الاقاويل التى وضعنا فى معرفة مناظر الحيوان ومن الشق يعرفه هذه الاعضاء والاختلاف الذى بينها اذا قيس بعضها الى بعض ويعرف الاناث والذكورة ايضا. [9] وقد ذكرنا فيما سلف حال اعضاء جوف الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا حيث وصفنا اعضاء جوف سائر الحيوان. فاما الاعضاء التى فى ظاهر الجسد من هذا الصنف فليس بمفصلة ولا محدودة ورجلاها فى مقدم الجسد اعنى حول الرأس قريبا من العينين وحول الفم والاسنان. ومن الحيوان الذى له رجلان ما رجلاه من خلف ومن قدام ومنه ما له رجلان فى الجوانب مثل الحيوان الدمى الكثير الارجل. ولهذا الجنس من الحيوان شىء خاص له اعنى ان رجليه فى مقدم جسده وعلة ذلك من قبل ان ناحية المؤخر والمقدم مجتمعة فى مكان واحد مثل العرض الذى يعرض للحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى باليونانية اسطرنبوس فان له شيئا خاصا ليس هو لشىء آخر من الصنف الخزفى الجلد. وبقول عام الحيوان الخزفى الجلد بنوع يشبه الحيوان الذى يسمى مالاقيا [و]بنوع يشبه الحيوان الخزفى الجلد لان جلده ايضا جاسى جدا مثل الخزف والجزء اللحمى الذى فى داخل جسده يشبه الخزف الذى فى جسد الحيوان اللين الخزف. فاما شكل تقويم الجسد فمثل تقويم شكل جسد الذى يسمى مالاقيا وخاصة ما كان من الصنف الصنف الذى يشبه اسطرنبوس وله التواء. فطباع هذين الصنفين بقدر النوع الذى ذكرنا ولذلك سيرها سير مستقيم مثل العرض الذى يعرض للحيوان الذى له اربعة ارجل وللناس ايضا. فاما الانسان فله فم فى رأسه اعنى فى الناحية العليا من جسده ثم له معدة وبعد المعدة بطن وبعد البطن معاء ينتهى الى موضع خروج الفضلة. فهذه الاعضاء فى الحيوان الدمى على مثل هذه الحال. وبعد الرأس التنور اعنى الصدر وما يليه. فاما سائر الاعضاء فلحال هذه الحركة مثل الاعضاء التى فى مؤخر ومقدم الجسد واليدين والرجلين. وفى الحيوان اللين الخزف والحيوان المحزز الجسد استقامة اعضاء الجوف بقدر النوع الذى ذكرنا. وبينه وبين الحيوان الدمى اختلاف من قبل الاستعمال الذى يكون من خارج من الاعضاء المحركة. وفى الحيوان الذى يسمى مالاقيا والذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس خلاف اذا قيس الى الحيوان الخزفى الجلد وفيه موافقة ومشابهة بالخلقة من قبل ان اواخر جسدها مثنية الى ما يلى اوائلها كما يفعل الذى يثنى الخط المستقيم اعنى الذى عليه الف وبآ يثنيه الى الموضع الذى عليه دال فوضع اعضاء مقدم اجسادها على مثل هذه الحال فجميع جثة الحيوان الذى يسمى مالاقيا بقدر هذه الخلقة. فاما فى الحيوان الكثير الارجل فالرأس فقط. فاما فى الحيوان الخزفى الجلد فالعضو الذى يسمى اسطرنبوس وليس بينهما اختلاف آخر اكثر من ان الطباع [الذى] وضع الجساوة فى الحيوان الذى يسمى مالاقيا حول الجسد ووضع الجساوة محيطة بكل جسد الحيوان الخزفى الجلد لكى يسلم لحال ابطاء الحركة. ومن اجل هذه العلة تخرج الفضلة من فم الحيوان الذى يسمى مالاقيا وتخرج الفضلة من جنب الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى اسطرنبوس. فمن اجل هذه العلة صارت خلفة رجلى الحيوان الذى يسمى مالاقيا على خلاف خلقة ارجل سائر الاصناف. وبين الحيوان الذى يسمى سيبيا وطاوتيدس خلاف اذا قيس الى الحيوان الكثير الارجل لان هذين الصنفين تعوم وهذا الصنف يسير ولذينك الصنفين ستة ارجل فى مقدم الابدان واواخر الستة الارجل اكبر وزوج من الستة الارجل فى الناحية السفلى وذلك الزوج كبير جدا. وكما تكون ارجل الحيوان التى فى مؤخر الجسد اعظم واقوى كذلك يكون هذا الزوج فى هذا الصنف اقوى لحال حمل الثقل اعنى لان ثقل الجسد عليه وبه يتحرك. وزوج اواخر الرجلين اقوى من الاوسط لانه مما يستعمل. فاما الحيوان الكثير الارجل فله اربعة ارجل كبار جدا وهى اوساط الارجل وجميع ارجل هذا الحيوان ثمانية وهى فى الحيوان الذى يسمى سيبيا وطاوتيداس قصار فاما فى الحيوان الكثير الارجل فكبار. وذلك من قبل ان جثث ذينك الصنفين كبار وجثة هذا الصنف صغيرة فحيث نقص الطبا ع من عظم الجثة زاد على طول الرجلين وحيث نقص من طول الرجلين زاد على عظم الجسد. ومن اجل هذه العلة صارت ارجل بعضها موافقة ليس لثبات فقط بل للمشى ايضا وصارت ارجل الأخر لا ينتفع بها لانها صغار والجثة عظيمة. ولان رجليها قصار لا ينتفع بها فى شىء من الاخذ ولا الخروج من الصخور اذا هاجت امواج البحر واشتد الشتاء هيا لها الطباع خراطيم اعنى لكل واحد منها خرطومين طويلين بهما يرسى وبهما تتحرك كما تتحرك السفينة اذا كان شتاء وبهما تصيد كلما بعد عنها وتذهب بها الى افواهها. وليس توجد هذه الخراطيم الا فى الاصناف التى تسمى سيبيا وطاوتيداس والكثيرة الارجل لان رجليها موافقة لهذه الاعمال. فاما الاصناف التى فى ارجلها افواه عروق وتفليس خشن به تتشبك بجميع ما يماسها فله ذلك لحال القوة. وذلك التشبك يشبه التشبك الذى كان يعمل القدماء. فيتشبك هذا الحيوان من الاجزاء الصفار اعنى اجزاء العصب وبهذه الاجزاء يجذب كلما يماسه. ويكون التشبك رخوا اذا اراد الحيوان ان يأخذ به شيئا فاذا اخذ اشتد وصار ذلك التشبك قويا صفيقا. فليس ما وصفنا فى غير هذا الحيوان ولا يأخذ ما يريد من طعمه الا برجليه. ومن هذه الاصناف ما يأخذ الطعم بالخراطيم لانه يستعين بها مكان اليدين. ومن هذا الحيوان ما له عضو واحد ومنه ما له عضوان وعلة ذلك طول الجثة ودقتها من قبل الطبا ع فلحال الطول والدقة صارت الجثة من عضو واحد ملتئم. فالطباع يفعل ذلك ليس لانه اجود وامثل بل يفعله باضطرار لحال الكلمة الخاصة للجوهر. ولجميع هذه الاصناف من اصناف الحيوان جناح حول الجثة وهذا الجناح فى سائر الاصناف ملتئم متصل بالجسد وفى الحيوان الكبير الذى يسمى طاوتس. فاما ما كان من هذا الصنف صغير الجثة مثل طاوتيداس فله جناح اعرض ليس بضيق مثل جناح الذى يسمى باليونانية سيبيا والحيوان الكثير الارجل. فان ابتداء جناح هذه الاصناف من وسط الجثة وليس هو محيط بكل الجسد وانما يكون لها هذا الجناح لتعوم به وتقوم اجسادها مثل ما صار الصدر فى الطائر والذنب فى الحيوان الذى له ذنب. وهذا الجناح صغير جدا فى الحيوان الكثير الارجل [و] لذلك لا يستبين حسنا لحال صغر الجثة ولانه يقوم جثته برجليه تقويما فيه كفاية. فقد وصفنا حال الحيوان المحزز الجسد والحيوان اللين الخزف والخزفى الجلد والحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا ووصفنا الاعضاء التى فى باطن وظاهر اجسادها. [10] وانما ينبغى لنا ان نعود فى قولنا وننظر فى حال الحيوان الدمى الذى يلد حيوانا ونبدأ بصفة الاعضاء التى بقيت بعد تصنيف الاعضاء التى وصفنا. فاذا ميزنا ذلك اخذنا فى صفة الحيوان الدمى الذى يبيض بيضا بقدر النوع الذى فعلنا فيما سلف. وقد وصفنا فيما سلف من قولنا حال الاعضاء التى تلى الرأس من الحيوان وما يلى العنق والحلق. ولكل حيوان دمى رأس والرأس فى بعض هذا الحيوان مميز محدود وفى بعضه على خلاف ذلك اعنى انه ليس بمميز ولا محدود مثل رؤوس السراطين. ولجميع الحيوان الذى يلد حيوانا اعناق. فاما الحيوان الذى يبيض بيضا فمنه ما له عنق ومنه ما لا عنق له وكل حيوان له رئة له عنق ايضا. فاما الحيوان الذى لا يتنفس من الجو الخارج فليس له عنق. وانما خلقة الرأس خاصة لحال الدماع لانه ينبغى ان يكون هذا العضو فى الحيوان باضطرار اعنى فى الحيوان الدمى ويكون هذا العضو فى موضع قبالة موضع القلب لحال العلل التى ذكرنا اولا. وقد وضع الطباع فى الرأس بعض الحواس لان مزاج الدم معتدل موافق لدفء الدماغ لحال العلل التى وصفنا ولحال سكون ولطف الحواس. وتحت العنق وضعت الطبيعة العضو الثالث الموافق لمدخل الطعام وكذلك كان ينبغى ان يوضع خاصة لانه فى موضع معتدل اعنى انه لم يكن يمكن ان يكون البطن موضوعا فوق القلب الذى فيه القوة الاولى ولا كان يمكن ان يكون فوق العضو الالهى العظيم الشأن. وانما عمل العضو الالهى العقل والحس فلم يكن يمكن ان يكون عليه عضو آخر لحال ثقله لان الثقل يصير العقل عسر الحركة ويغير الحس المشترك ولا سيما انا كثر ثقل الجسد. وباضطرار كان ميل الاجساد الى الأرض لحال الاحتراز. وبدل العضوين واليدين صير الطباع مقاديم الرجلين فى الحيوان الذى له اربعة ارجل. فاما الرجلان المؤخرتان. فباضطرار صارت فى جميع الحيوان السيار فلهذه العلة صارت الاربعة الارجل فى اصناف هذا الحيوان ليقوى على حمل الثقل. ومقاديم جثث جميع هذا الحيوان اكبر من الجزء الذى فى المؤخر ما خلا الانسان. فاما الانسان فالناحية العليا من جسده معتدلة اذا قيست الى الناحية السفلى واقل منها كثيرا فى الذين تمت شبيبتهم. فاما فى الاحداث فعلى خلاف ذلك اعنى ان الناحية العليا اكبر والناحية السفلى اصغر. ولذلك يحبون الاطفال ولا يقوون على اقامة جثثهم بل يبقوا بغير حركة لان الناحية العليا من اجسادهم اكبر من الناحية السفلى كما قلنا آنفا فاما اذا شب الانسان فما يلى الناحية السفلى من جسده يزداد عظما وحال الحيوان الذى له اربعة ارجل على خلاف ذلك اعنى ان الناحية السفلى تكون عظيمة جدا اولا فاذا شب الانسان عظم ما يلى الناحية العليا. وانما سمى الناحية العليا جزء الجثة الذى بين موضع مخرج الفضلة وبين الرأس ولذلك يكون ارتفاع مقدم اجساد كثير من الخيل اكبر من المؤخر واذا كان الفرس حدثا يمس رأسه بالرجل التى فى المؤخر واذا صار مسنا لا يقوى على ذلك. فهذه حال الحيوان الذى له اربعة ارجل وحال الحيوان الذى له ظلفان. فاما الحيوان الذى له اصابع كثيرة والذى لا قرون له فمقدم جسده اكبر من المؤخر ولذلك يكون نشوء الناحية العليا بقدر نقص الناحية السفلى. وجنس الطائر وجنس السمك كما قلنا اكثر لحما فى الناحية العليا اعنى مقدم الجثة ولهذه العلة صار جميع هذا الحيوان اقل عقلا من الناس وكذلك قياس الصبيان الى كهولة الرجال ولا سيما انا كانت سائر القوة موافقة لما ذكرنا . فانه اذا عظم ثقل الناحية العليا قل العقل كما قلنا فيما سلف وعلة ذلك من قبل اول النفس الذى يخالط كثيرا وانه يصير جسدانيا عسر الحركة. وايضا اذا صارت الحرارة التى فى الحيوان اقل والجزء الارضى اكثر باضطرار تكون اجساد ذلك الحيوان اصغر وتكون لها ارجل كثيرة. واذا تم ذلك تكون بلا رجلين تماس الارض وتدب عليها ويكون العضو الذى فيه القوة الاولى مما يلى الارض اعنى الرأس ولا يكون له حس بل تكون قوته اسفل مثل قوة الشجر فان الناحية السفلى من جذور الشجر اكبر من الناحية العليا وفى اطراف الاغصان <***>. وقد قلنا العلة التى من اجلها صار لبعض الحيوان رجلان ولبعض ارجل كثيرة وليس لبعضه ارجل البتة وبينا العلة التى من اجلها صار الشجر والحيوان والعلة التى من اجلها صارت جثة الانسان مستقيمة قائمة من بين سائر الحيوان. ولم يحتج الانسان الى مقاديم الرجلين بل هيأ له الطباع بدل الرجلين المقدمين عضوين ويدين. ولهذه العلة اعنى ان للانسان يدين صار اعقل واحكم من جميع الحيوان بل هو امثل ان نقول لان الانسان اعقل واحكم من جميع الحيوان صارت له يدان لان اليدين آلة من الآلات. فاما الطباع فهو يبقى ابدا على حاله فلهذه العلل صار الانسان احكم من جميع الحيوان فله آلة موافقة لكثرة حركاته واعماله. وبحق ينبغى ان ندفع انابيب الزمارة الى الزامر والزامر موافق لاستعمال تلك الآلة لان الطباع يزيد الشىء الاصغر على الاعظم والمسود اكثر منه ولا يزيد الاكرم والاعظم على الاصغر. وكذلك هو امثل ان يكون. وانما يصنع الطباع الامثل الاجود من الاشياء التى تمكن فليس الانسان حكيما جدا لحال ان له يدين بل لانه حكيم جدا صارت له يدان ومن اجل ان الحكيم جدا يحتاج الى آلة كثيرة يستعملها بنوع الصواب والاستقامة. وليس اليد آلة واحدة بل آلة كثيرة لانها مثل آلة قبل آلات. والطباع وهب اليد للانسان لانه قوى على استعمالها فى اعمال شتى ومهن مختلفة. فاما الذين يزرعمون ان جسد الانسان ليس بجيد ولا محكم بل هو اردأ من تقويم سائر الحيوان واقل احكاما لانه عريان ليس له سترة ولا لرجليه غطاء ولا له صنف من اصناف السلاح موافق للقوة [ف] يقولون الخطأ من اجل ان لسائر الحيوان نوعا واحدا من انواع القوة ولا يمكن ان يغير ذلك النوع ويتخذ كانه غيره. بل باضطرار ان يكون مثل النائم [و] اللابس خفا ويعمل اعماله ولا ينتقص ذلك الدفاع ولا لو كان له سلاح [آخر]. فاما الانسان فله انواع كثيرة من انواع القوة والمعونة ويمكن ان يغير تلك الانواع الى غيرها وايضا له سلاح يتخذه بكمية وكيفية كما شاء. ويد الانسان مثل ظلف وظفر وقرن ورمح وسيف وآلة اخرى وصنف سلاح ايما كان. فاليد تكون جميع هذه الاشياء لانها تقوى على اخذ جميع ما وصفنا. وخلقة اليد التى وهب لها الطباع موافقة لها فى جميع اعمالها لانها مفترقة مجزأة باجزاء كثيرة فهى تقوى على استعمال جزء واحد وجزءين واجزاء كثيرة وعلى اصناف مختلفة. وايضا انثناء الاصابع موافق للاخذ وضبط ومسك الاشياء. والابهام قصيرة غليظة لحال الاعمال القوية ولذلك تسمى الاصبع الكبيرة وان كانت صغيرة لحال قصرها. وليس ينتفع بسائر الاصابع بقدر قول القائل بغير الابهام وكمثل ما نقول انه لو لم تكن اليد لم يكن اخذ البتة كذلك نقول انه لو لم تكن الابهام فى ناحية واحدة من نواحى اليد لم تكن تقوى على ضبط شىء. والابهام تمسك ما تمسك من الناحية السفلى الى الناحية العليا فاما سائر الاصابع فهى تمسك من اسفل. وينبغى ان يعرض ذلك لضبط اليد ما تمسك ضبطا شديدا بابهام. فالابهام قوية لكى تكون بشدتها مساوية لسائر قوة الاصابع ولذلك صارت قصيرة غليظة لحال القوة ولو كانت طويلة لم ينتفع بها. وبحق صارت فى اليد الاصبع الصغيرة قصيرة. فاما الاصبع الوسطى [ف]طويلة مثل مجذاف السفينة وكل ما يمسك باضطرار يضبط ضبطا شديدا اذا كان سائر الاصابع حول الاصبع الوسطى وذلك اوفق للاعال ايضا. [21] ونعم ما احتال الطباع لخلقة الاظفار ايضا. وانما اظفار سائر الحيوان مخاليب فاما الانسان فله اظفار لكى تستر الاطراف. فاما انثناء العضدين فهو اوفق لنقل الطعام ولسائر انواع الاستعمال وخلقتهما على خلاف خلقة عضدى الحيوان المشاء الذى له اربعة ارجل وباضطرار ينثنى ذلك الحيوان مقاديم يديه. فاما الرجلان فموافقة للسير اعنى سير الحيوان الذى له اربعة ارجل. فاما الحيوان الذى له اصابع كثيرة فهو يستعمل مقاديم رجليه ليس للمسير فقط بل يستعملها كما يستعمل الانسان يديه. وذلك بين ظاهر لنا لانا نعاين هذا الصنف من الحيوان يستعمل مقاديم رجليه [كما يستعمل الانسان يديها] وهو يقاتل بهما ويدفع الاذى عن نفسه. فاما الحيوان الذى له حوافر فهو يفعل ذلك اعنى يحامى عن نفسه ويدفع الاذى برجليه التى فى المؤخر لان مقاديم رجليه ليست بملائمة للمرفقين ولا لليدين. ومن اجل هذه العلة صار للحيوان الكثير الاصابع خمسة اصابع فى الرجلين التى فى المقدم وصارت اربعة اصابع فى الرجلين التى فى المؤخر مثل رجل الاسد والذئاب والكلاب والفهود. ولو كانت الاصبع الخامسة فى الرجلين التى فى المؤخر لكانت كبيرة مثل ما هى فى الرجلين التى فى المقدم. ومن الحيوان الكثير الاصابع ما يوجد فى رجليه التى فى المؤخر خمسة اصابع لانه يدب فلحال ذلك الدبيب يتوكأ على كثرة الاظفار لكى يكون دبيبه وحركته اسرع وايسر ولكى ترتفع جثته عن الارض ويرتفع الرأس. وبين مرفقى الانسان وبين الرجلين التى فى مقاديم سائر الحيوان جزء الجسد الذى يسمى صدر. ولصدر الانسان عرض وذلك بحق لان المرفقين موضوعان فى الجوانب وليس يمنعان الصدر من ان يكون عريضا وعلى هذه الخلقة التى هو عليها. فاما فى الحيوان الذى له اربعة ارجل فلم يكن يمكن ذلك اعنى عرض الصدر لبسط الرجلين التى فى المقدم ولحال الانتقال والسير من مكان الى مكان. ولذلك صار هذا العضو ضيق الخلقة. ومن اجل هذه العلة ليس للحيوان الذى له اربعة ارجل ثديان فى الصدر. فاما النساء فلهن فى صدورهن ثديان لحال سعة المكان ولان يستر ما يلى القلب. ولان ذلك المكان لحمى صارت الثديان لحميين مفصلين وهى فى الذكورة لحال العلة التى ذكرنا اعنى السترة. فاما فى النساء فالضباع يستعمل الثديين فى عمل آخر وهو العمل الذى ذكرنا مرارا شتى اعنى الغذاء الذى يغذى المولود. وانما الثديان اثنان لان جوانب الجسد اثنان اعنى الجانب الايمن والجانب الايسر وهما مفترقان مفصلان كل واحد على حدته وبينهما الموضع الذى فيه تلتقى وتلتئم الاضلاع. ولم يكن يكن ان تكون لسائر الحيوان ثديان فى الصدر فيما بين الرجلين التى فى المقدم لحال العسرة ولان الثديين كانا باضطرار يصيران مانعين للمسير والحركة. فما كان من الحيوان قليل الولد له حوافر وما كان من الحيوان الذى له قرون فله ثديان قريبة من الفخذين وليس له الا ثديين فقط. فاما الحيوان الذى يكثر الولد والحيوان المشقوق اليدين والرجلين فمنه ما له ثدى كثيرة فيما بين ناحيتى البطن مثل الخنزير والكلب ومنه ما له اثنان فقط مما يلى وسط البطن مثل اللبوة. وعلة ذلك ليس من قبل ان هذا الصنف قليل الولد فانه ربما ولد اثنين ولا يلد اكثر بل لانه ليس كثير اللبن من اجل ان الغذاء الذى يأخذ من طعمه يبيد ويفنى فى سائر الجسد وانما يأكل فى الفرط ويأكل اللحم. فاما الفيل الانثى فلها ثديان فقط تحت الابطين لانه موضع اوائل الثديين. والعلة التى من اجلها صارت لها ثديان فقط من فبل انها لا تلد الا واحدا فقط. والعلة التى من اجلها لم تصر ثدياها فيما يلى ناحية الفخذين لانها مشقوقة الرجلين. فليس يمكن ان يكون حيوان مشقوق الرجلين تكون له ثديان فيما يلى ناحية الفخذين. والعلة التى من اجلها صارت فى ناحية الابطين لانه مكان الثدين الاول. ومن الحيوان ما له ثدى كثيرة جراؤه ترضع لبنا كثيرا. والدليل على ذلك العرض الذى يعرض فى الخنازير ولها شىء خاص اعنى انها تمكن من اوائل ثدييها اوائل جرائها. فباضطرار يمكن من اوائل ثدييها اول ما يضع من جرائها. وانما اوائل الثديين التى تحت الابطين فمن اجل هذه العلة للفيل الانثى ثديان اثنان فقط فى ذلك المكان الذى وصفنا. وثدى الحيوان الكثير الولد فيما يلى البطن وعلة ذلك من قبل ان الحيوان الذى يربى جراء كثيرة محتاج الى كثرة الثدى لحال الرضاع. فلانه م يكن يمكن ان يكون فى العرض اكثر من ثديين فقط لان الجوانب اثنان اعنى الايسر والايمن صار وضع الثديين فى طول البطن اعنى فى المكان الذى بين الرجلين التى فى المؤخر وبين الرجلين التى فى مقدم الجسد. فاما الحيوان الذى ليس بكثير الشقوق فى اليدين والرجلين بل هو قليل الولد او له قرون فثدياه فيما يلى الابطى مثل الفرس الانثى والاتان والجمل. فان هذا الحيوان لا يضع غير واحد. وكذلك حال الحيوان الذى له ظلفان وايضا الايل والبقر والعنز وجميع الاجناس التى تشبه هذه وعلة ذلك من قبل ان نشوء اجسادها يكون فيما يلى الناحية العليا فلذلك يحتاج الى فضلة غذاء. فاما المكان الذى يلى الناحية السفلى فعلى خلاف ما ذكرنا. ولذلك صير الطباع الثديين فى تلك الناحية وحيث تكون حركة الغذاء من هناك يكون اخذه امكن وايسر. ولذكورة واناث الناس ثديان وليس لذكورة بعض الحيوان ثديان. فاما ذكورة الخيل فلبعضها ثديان وهى التى تشبه الامهات وليس لبعضها ثديان وهى التى تشبه الآباء. فقد ذكرنا حال الثدى. ووسط الصدر معلق ملتئم باطراف الاضلاع لحال العلة التى ذكرنا فيما سلف ولكى لا يمنع تورم غذاء الطعام. وعند تمام العضو الذى يسمى صدرا تكون الاعضاء الموافقة لخروح الفضلة اليابسة والرطبة. والطباع يستعمل العضو الواحد الذى هو فهو لخروج الفضلة الرطبة ولحال النكاح والسفاد وذلك بنوع واحد فى الاناث والذكورة، ما خلا اصناف يسيرة، من الحيوان الدمى ولجميع سائر اصناف الحيوان. وعلة ذلك من فبل ان المنى رطوبة من الرطوبات وهو فضلة. ونحن ندع ذكر صفته حيننا هذا وسنذكره فى آخره. وبنوع واحد بكون خروج المنى من الاناث وخروج الطمث. ونستبين ذلك ايضا فى آخره. فاما حيننا هذا فانا نكتفى بقولنا ان الطمث الذى يعرض للنساء فضلة من الفضول والمنى ايضا فضلة ولذلك يكون مسيلهما وخروجهما من مكان واحد هو فهو ومعرفة ذلك تكون يقينا. وكيف حالهما وبماذا يختلفان وما يعرض للمنى والحمل من الاقاويل التى وضعنا فى صفة الحيوان ومن شق اجساد الحيوان وسنذكر ذلك ايضا فى آخره فى الاقاويل التى نضع فى الولاد. وهو بين ان اشكال هذه الاعضاء موافقة لاعمالها باضطرار ولعضو الذكورة الموافق للجماع والسفاد فصول كثيرة من قبل ان ليس كل عضو ذكر عصبى الطباع. وهذا العضو من بين سائر الاعضاء يتغير ويزداد ويتنفص بغير مرض يعرض له. فاما زيادته فموافقة للجماع واما نقصه فموافق لاشياء كثيرة. ولو لا نقصه لكان ممتنعا لاعمال كثيرة. وتقويم طباعه بقدر ما يمكن ان تعرض له هذان الامران اعنى الزيادة والنقص ولذلك خلقته من عصب وغضروف ولذلك ينبسط ويتقبض من قبل الريح التى تعرض له فهو قبول لهذين الامرين. فما كان من اناث الحيوان الذى له اربعة ارجل تبول الى خلف لان ذلك الشكل موافق لسفادها فخلقة تركيبها على مثل هذه الحال. فاما من ذكورة الحيوان الذى له اربعة ارجل فالفيل يبول الى خلف مثل الاسد والجمل والحيوان الازب الرجلين. وليس يمكن ان يكون حيوان له حوافر يبول الى خلف. فاما ما يلى مؤخر الجسد وما يلى الفخذين والساقين فهو فى الانسان على خلاف خلقة ما هو فى سائر الحيوان الذى له اربعة ارجل. ولجميع ذلك الحيوان ذنب ليس للحيوان الذى يلد حيوانا فقط بل الذى يبيض بيضا ايضا. وان لم يكن هذا العضو فى بعض الحيوان فله على كل حال صغير. ولبعض الاذناب شعر كثير وليس لبعض. فاما الانسان فليس له ذنب وليس لشىء من الحيوان الذى له اربعة ارجل وركان ولان فخذى وساقى الانسان كثيرة اللحم. فاما سائر الحيوان ففخذاه وساقاه عديمة اللحم. وللحيوان الذى يلد حيوانا فخذان وساقان وخلقتهما من عظام وعصب وشوك وعلة ذلك كله واحدة بقدر قول القائل اعنى لان الانسان فقط قائم الجثة من بين سائر الحيوان. فلكى يكون ميل ومذهب الجسد الى الناحية العليا لحال الخفة رفع الطباع اللحم من تلك الناحية وزاده على الناحية السفلى. ولذلك صير الوركين كثيرى اللحم وما يلى الفخذين وبطون الساقين. وحق فعل ذلك الطباع لحال حمل ثقل الجسد ولان تكون الجثة قائمة. فاما فخذا وساقا الحيوان الذى له اربعة ارجل فمن عصب وعظم لحال كثرة الثقل والحمل. والاربعة ارجل مثل اربعة اسناد تسند الثقل ولذلك يثبت الحيوان الذى له اربعة ارجل قائما بلا تعب وبغير عناء. فاما الانسان فليس يقوى على ان يكون قائما حينا كثيرا بل يحتاج جسده الى راحة. ففخذا وبطون ساقى الانسان كثيرة اللحم لحال العلة التى ذكرنا ولذلك ليس له ذنب لان الغذاء يفنى فى كثرة لحم الفخذين وبطون الساقين. ولان له وركين اعدمته الطبيعة حاجة الذنب الذى يحتاج اليه باضطرار. فاما الحيوان الذى له اربعة ارجل وسائر الاجناس فعلى خلاف ذلك لان كثرة اللحم والثقل فى الناحية العليا وليس فى الناحية السفلى منه شىء الا القليل اليسير. ومن اجل هذه العلة ليس لهذا الحيوان وركان وفخذاه وساقاه جاسية جدا. ولكى يكون العضو الذى منه مخرج الفضلة فى حفظ وسترة صير الطباع الذنب على ذلك العضو. فما نقص من الفخذين والساقين صيره فى الذنب اعنى الغذاء الذى كان يصير الى الفخذين مال الى الذنب. فاما القرد فلان صورته مشتركة اعنى ان فيها شركة من صورة الانسان والحيوان الذى له اربعة ارجل ليس له ذنب ولا وركان. ولان له رجلين اثنين فقط اذا قام قائما ليس له ذنب ولان له اربعة ارجل ليس له وركان. وفى الاعضاء التى تسمى اذناب فصول كثيرة والطباع يستعملها ليس لحفظ وسترة القعدة فقط بل للمنفعة ايضا. وفى ارجل الحيوان الذى له اربعة ارجل اختلاف لان منها ما له حوافر فقط ومنها ما له ظلفان ومنها ما هو مشقوق بشقوق. والحوافر تكون فى الحيوان الذى له عظم الجثة والجزء الارضى الذى فيه صار الى طباع الحوافر مكان القرون والاسنان. وانما الحوافر بدل اظفار كثيرة فهو مثل ظفر واحد. ومن اجل هذه العلة لا يكون كعب فى ارجل هذا الحيوان اكثر ذلك. ومن اجل هذه العلة صارت حركة انثناء الارجل التى فى المؤخر عسرة لانه ليس فيها كعاب وكل ما له زاوية واحدة يتفتح ويتغلق عاجلا اكثر مما له زوايا كثيرة. والكعب مثل عضو غريب فيما بين عضوين ويكون منه ثقل ولكن ثبات الرجلين يكون بها اوثق واسلم. ومن اجل هذه العلة لا تكون الكعاب فى الرجلين التى فى المقدم بل تكون فى الرجلين اللتين فى المؤخر لانه ينبغى ان تكون الرجلان اللتان فى المقدم سريعتى الانثناء. فاما الرجلان اللتان فى المؤخر فانه ينبغى ان تكون اشد واوثق لتدفع الامر المؤذى للحيوان ولذلك يرمح الحيوان بتلك الرجلين. ناما الحيوان الذى له ظلفان ففى رجليه كعاب ولذلك تكون رجلاه ايسر حركة ولا تكون لرجليه حوافر. فاما الحيوان الذى له اصابع كثيرة فليس فى رجليه كعاب. ولو كانت فيها كعاب لم تكن كثيرة الاصابع بل انشق العرض بقدر ما كان يمسك الكعب. ولو كان هناك كعب لم تكن اصابع كثيرة والاصابع تستولى على المكان الذى كان للكعب. ومن اجل هذه العلة تكون ظلفان فى كثير من ارجل الحيوان التى فيها كعاب. وبحق صارت للانسان ارجل عظيمة جدا بقدر قياس عظمه الى عظم سائر الحيوان ولذلك كان ينبغى للرجلين التى تحمل ثقل الجسد ان يكون لها طول وعرض واصابع. وعظم اصابع الرجلين على خلاف عظم اصابع اليدين وذلك بحق لان عمل اليدين الاخذ والضبط ولذلك صارت اصابع اليدين اطول ولولا طولها وانثناؤها لم تكن اليد تأخذ شيئا وتضبط ضبطا جيدا. فاما عمل الرجلين فهو اجود لثبات وحمل الثقل فمن اجل هذه العلة صارت الرجلان قوية الخلقة. فاما تشقيق اواخر الرجلين فهو انفع وامثل لانه لو لم تكن مشقوقة الاصابع لكانت الضرورة تسرع الى كل العضو اعنى الرجل اذا اصابت جزء منها افة. فاما على مثل هذه الخلقة فليس تعرض لها الضرورة. ومن اجل هذه العلة صارت اصابع رجلى الانسان قصيرة لان قصرها مما يدفع عنها كثيرا من الأذى. ولهذه العلة صارت الاظفار فى اطراف اصابع اليدين والرجلين لانها تحتاج الى حفظ وسترة ولا سيما لحال ضعفها. فقد وصفنا حال الحيوان الدمى وحال الحيوان المشاء الذى يبيض بيضا وحال الحيوان الذى يلد حيوانا. [11] ومن الحيوان ما له اربعة ارجل ومنه ما ليس له رجلين مثل جنس الحيات وقد وصفنا العلة التى من اجلها عدمت الحيات الرجلين فى الاقاويل التى وضعنا فى مسير الحيوان وفصلنا ذلك كله. فاما سائر الحيات فصورته مثل صورة الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا ولهذا الحيوان رأس والاعضاء التى فيه لحال العلل التى هى فهى. فاما لسائر الحيوان الدمى فانه يوجد لسان فى فيه ما خلا التمساح فانه يظن انه ليس له لسان وانما له مكان اللسان فقط. وعلة ذلك من قبل انه يقال حيوان برى فلذلك له مكان لسان ولانه حيوان مائى ليس له لسان كما قلنا فيما سلف. فاما السمك فليس يظهر له لسان ان لم يمل الانسان رأسه جدا. وعلة ذلك لان رغبته فى الطعام كثيرة. وليس لسانه بمفصل بارز وعلة ذلك لانه لا يحتاج الى اللسان لحال المذاقة والمضغ وذلك العضو الذى مثل اللسان يحس بالرطوبات فاما لذة حس الاشياء المأكولة فانها تكون عند نزول الطعام الى الجوف لان هذا الصنف من الحيوان عند الابتلاع يحس بالاشياء الدسمة الحارة التى تشبه هذه الاصناف. فللحيوان الذى يلد حيوانا هذا الحس وبقدر قول القائل يحس بجميع اصناف الاطعمة وانواع الاشياء المأكولة عند الابتلاع اعنى انه يجد لذة الطعام عند انتفاخ المرىء ولذلك تكثر رغبتها الى الطعام وشهوتها اليه ومنها ما لا يضبط نفسه اذا حس بالطعم الذى يلذه. فاما سائر الحيوان فانه يحس بجميع الاطعمة المذاقة. فاما السمك وما يشبهه فهو يحس بالنوع الذى ذكرنا ومن الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا مثل السام ابرص [ما له] لسان له شعبتان فى الطرف مثل الحيات واطراف تلك الشعبتين دقاق جدا مثل شعر كما قلنا فيما سلف. وللحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية فوقى لسان مشقوق بشعبتين فلذلك يكون جميع هذا الصنف من الحيوان اعجف وهو حاد الاسنان اعنى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا فان اسنانه مثل اسنان السمك. فاما جميع آلة الحواس فهى توجد فى هذه الاصناف كما تصاب فى سائر الحيوان فله منخر وهو آلة المشمة وله عينان وهى آلة البصر وله اذنان وهى آلة السمع ولكن اذنيه ليست بناتئة مثل اذان الطير وانما لها سبيل فقط وعلة ذلك فى كليهما جساوة الجلد لان للطير اجنحة وريش وللصنف الآخر اما قشور واما فلوس. والقشور والفلوس من قبل الطباع جاسية وذلك بين فى السلحقاة وكبار الحيات والتماسيح النهرية. وذلك التفليس يكون اقوى من العظام كثيرا لان طباعه مثل طباع العظام. وليس لهذا الصنف من الحيوان الشفر الاعلى كما ليس للطير وانما يغلق عينيه بالشفر الاسفل لحال العلة التى ذكرنا. ومن الطير ما يغلق عينيه بالشفر الاسفل فاما هذا الحيوان فليس يغلق عينيه لان جلدة عينيه اجسى من جلد الطير. وعلة ذلك من قبل ان الطير يحتاج الى حدة البصر والى بعد النظر لحال تدبير معاشه فاما هذا الصنف فليس يحتاج الى حدة البصر لان مأواه فى الحجارة والثقب والشقوق. ورأس هذا الحيوان مجزأ باثنين اعنى الجزء الاعلى من الرأس والفك الاسفل. فاما الانسان وجميع الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا فهو يحرك الفكين فوق واسفل والى الجوانب. واما السمك والطير وما كان من الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا فهو يحرك الفك الاسفل فوق واسفل فقط وعلة ذلك من قبل ان مثل هذه الحركة موافقة للعض والقطع. فاما الحركة التى تكون فى الجانبين فهى موافقة لمضغ وتمليس الطعام ولم يكن ذلك موافقا للسمك اعنى الحركة التى تكون فى الجانين. ولذلك اعدم الطباع جميع هذه الاصناف الحركة الجنبية لان الطباع لا يفعل شيئا بنوع باطل. فجميع سائر الحيوان يحرك الفك الاسفل ما خلا التمساح النهرى. فانه يحرك الفك الاعلى وعلة ذلك من قبل ان رجليه ليست بموافقة للاخذ والامساك لشىء من الاشياء لانها صغار جدا فهيأ الطباع فم هذا الحيوان موافقا لهذه الاعمال بدل الرجلين. واذا كانت الضربة من فوق فهى اوفق للاخذ والضبط لان الضربة اذا كانت من ناحية العليا صارت اقوى وهو بين ان الضربة التى تكون من فوق اقوى من التى تكون من اسفل. ولان الفم موافق لهاتين الحاجتين اعنى الاخذ والعض والحاجة للامساك مضطرة وليس لهذا الحيوان يدان ولا رجلان موافقة للامساك هيأ الطباع حركة الفك الاعلى فى هذا الحيوان فقط لانها اوفق له من حركة الفك الاسفل. ولهذه العلة تحرك السراطين الجزء الذى يعلو الزبانتين ولا تحرك الجزء الاسفل لان الزبانتين خلقت فى السراطين بدل اليدين فهى موافقة للاخذ وليس للقطع. فاما القطع والعض فهو عمل خاص للاسنان فهو يمكن للسراطين وجميع الحيوان الذى يشهه ان تأخذ ما تأخذ باناة وإبطاء لان مأواها ليس فى الماء ولذلك صارت افواهها مشقوقة وهى تأخذ اما باليدين واما بالرجلين وتقطع وتعض بافواهها. فاما افواه التماسيح فهى موافقة للعملين وذلك من قبل الطباع فلهذه العلة صارت حركة الفك الاعلى. ولجميع هذه الاصناف من اصناف الحيوان اعناق لحال حاجة الرئة وهى تقبل الروح لطول الوريد الخشن. وانما يسمى عنقا العضو الذى بين الرأس والكتفين فاما الحية فانها مما يظن انه ليس لها عنق بل عضو آخر ملائم للعنق وذلك لانه ليس هذا العضو محدودا باطراف معروفة. وللحيات شىئ خاص ليس هو لسائر الحيوان الذى يناسبه بشبه الخلقة اعنى حركة رؤوسها الى ما خلف مع سكون سائر اجسادها. وعلة ذلك مثل علة الحيوان المحزز الجسد اعنى ان خرز فقار الحيات مخلوقة من غضروف ولذلك هو جيد الانثناء. فباضطرار عرض هذا العرض للحيات لحال العلة التى ذكرنا وصار ذلك فى خلقة الحيات ايضا لحال الامثل ولحفظ ما خلفها اعنى انها تحول رؤوسها خلف وتنظر الى جثتها الطويلة الضيقة. ولانه ليس للحيات رجلان وليس لها آلة موافقة لاخذ الطعم وحفظ ما خلف ولم تكن الحيات تنتفع برفع رؤوسها لو لم تكن قوية على ان تحركها الى خلف. وفى هذا الحيوان عضو يلائم الصدر وليس لشىء من هذا الصنف ثديان لا فى هذا العضو الملائم للصدر ولا فى سائر الجسد. وليس توجد ثديان فى شئ من الطير ولا فى شئ من اصناف السمك ايضا. وعلة ذلك من قبل انه ليس لها لبن ايضا وانما الثدى مثل وعاء قبول اللبن فليس لشئ من هذا الحيوان ولا لصنف الحيوان الذى يبيض بيضا لبن البتة لانه يبيض. وانما تكون الرطوبة اللبنية فى البيض فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فله لبن ولذلك ليس له بيض وسنوضح قولنا فى ذلك ونلطفه فى الاقاويل التى وضعنا فى ولاد وكينونة الحيوان. فاما حال ثنى اجسادها فقد وصفناها فى الاقاويل التى وضعنا على مسير الحيوان بقول عام. ولجميع هذه الاصناف من الحيوان ذنب ومنها ما له ذنب اكبر ومنها ما له ذنب اصغر. وفد وصفنا علة ذلك فيما سلف بقول عام. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية خاماليون وتفسيره اسد الارض فهو مهزول جدا اكثر من جميع الحيوان الذى يبيض بيضا. وذلك لانه قليل الدم جدا وعلة ذلك من قبل شكل نفسه اعنى انه جزوع جدا فلحال جزعه تغير لونه الى الوان كثيرة لان الجزع تبريد لحال قلة الدم ونقص الحرارة. فقد ذكرنا حال الحيوان الدمى الذى له اربعة ارجل والذى لا رجلين له ووصفنا جميع الاعضاء التى فى باطن الجسد وفى الظاهر منه واكتفينا بما قلنا من ذلك. [12] فاما فى الطائر فان اختلاف بعضه الى بعض يكون من قبل زيادة ونقص الاعضاء ومن فبل الاكثر والاقل من اجل ان من الطائر ما هو طويل الساقين ومنه ما هو قصير الساقين ومنه ما له لسان عريض ومنه ما ليس له لسان عريض ومنه ما له لسان ضيق. وكذلك يكون الاختلاف من قبل سائر الاعضاء والاختلاف ايضا يكون بين الطائر الذى يشبه بعضه بعضا من قبل الاعضاء وذلك الاختلاف يسير. وبين الطائر وسائر الحيوان اختلاف ايضا من قبل صورة الاعضاء فلجميع الطائر ريش وهذا الاختلاف خاص له من قبل ان لبعض سائر الحيوان تفليس ولبعضه قشور. فاما الطائر فله ريش وجناحان. واجنحة بعض الطير مشقوقة وليس منظرها شبيه بمنظر الاجنحة المتصلة الملتئمة فربما كان الجناح مشقوقا وربما كا غير مشقوق ومنه ما له جذر مثل انابيب ومنه ما ليس له جذر. وللطائر شىء خاص ايضا فى الرأس اعنى طباع المنقار فهو خاص للطائر لانه لا يوجد فى سائر الحيوان. فاما الفيل فله منخر بدل اليدين. فاما الحيوان المحزز الجسد فلبعضه لسان مكان الفم. فاما الطائر فله بدل الاسنان واليدين منقار مخلوق من عظم. وقد ذكرنا حال آلة الحواس فيما سلف. وللطائر عنق ممدود من قبل الطباع لحال العلة التى ذكرنا اعنى العلة التى من اجلها صارت خلقة العنق فى سائر الحيوان ومن الطائر ما له عنق طويل ومنه ما له عنق قصير. واكثر ذلك العنق يكون تبعا للساقين لان ما كان من الطائر طويل الساقين فله عنق طويل وما كان منه قصير الساقين له عنق قصير ما خلا صنف الطائر الذى فيما بين اصابع رجليه جلد فان منه ما له عنق قصير وساقان طوال. ولو كان ذلك فى الطائر الذى يأوى فى البر لم يكن ممكنا لانه لم يكن مما يستطاع ان تكون الساقان طوالا والعنق قصير. فاما فى الطائر الذى بين اصابعه جلد فانه يمكن ان يكون خلاف ذلك لان مأواه فى الماء من الصيد والامساك. ومن اجل هذه العلة لا يكون عنق طويل للطائر المعقف المخاليب. ومن الطائر الذى يأوى فى الماء وبين اصابع رجليه جلدة ما له عنق طويل موافق لعمله. فانه انا كان على مثل هذه الحال كان اوفق لاخذ الطعم من الماء وساقا هذا الطائر قصار لحال السباحة. وفى المناقير ايضا اختلاف بقدر اصناف الحياة وتدبير المعاش فمن الطائر ما له منقار مستقيم ومنه ما له منقار معقف والمنقار المستقيم يكون فى الطائر الذى يحتاح الى اخذ الطعم فقط فاما المنقار المعقف فانه يكون فى الطائر الذى يأكل اللحم النىء لان ذلك الشكل موافق لضبط ذلك اللحم وباضطرار صارت خلقة منقاره على مثل هذه الحال لكسبه وطعمه من الحيوان. فاما الطائر الذى تدبير معاشه هين لذيذ لانه يرعى الخضرة والحشيش فله منقار عريض موافق للحفر والقطع والجز. ومن الطائر الذى من هذا الجنس ما له منقار طويل لحال طول العنق ولانه يكسب طعمه وغذاءه من العمق. وكثير من الجنس اعنى من جنس الطائر الذى على مثل هذه الحال والطائر الذى فيما بين اصابع رجليه جلد بقول مبسوط او بعضو من الاعضاء يصيد الحيوان الصغير الذى يأوى فى الماء. ويكون عنق هذا الصنف مثل ما يكون القصبة للصيادين ويكون المنقار مثل الخيط والصنارة. فاما مقدم الجسد ومؤخره والعضو الذى يسمى صدرا فى الحيوان الذى له اربعة ارجل وهو ملتئم متصل فى جميع الطائر وهو معلق على العضدين والساقين. وللطائر عضو خاص اعنى الجناحين ولذلك يكون ما بين الكتفين عند آخر الظهر على الجناحين. وللطائر رجلان اثنان مثل الانسان ورجلاه الى خا كما تنثنى رجلا الحيوان الذى له اربعة ارجل وليس كما تنثنى رجلا الانسان الى داخل وباضطرار صار الطائر ذا رجلين لان جوهره من جوهر الحيوان الدمى وهو ايضا مجنح. فاما الحيوان الذى ليس بدمى فليس يتحرك باكثر من اربع علامات وله من الاعضاء مثل الاعضاء التى تكون لسائر الحيوان المشاء. وللطائر بدل الرجلين اللتين فى المقدم وبدل العضدين جناح مشترك وبه تكون قوته. وفى جوهر الطائر قوة الطيران فمن اجل هذه العلة ينبغى ان تكون للطائر رجلان اثنتان فقط فانه اذا كان على مثل هذه الحال يحرك باربع علامات اعنى الرجلين والجناحين. ولجميع الطائر صدر حاد لحيم وهو حاد لحال جودة الطيران لان كل ما كان عريضا يدفع هواء كثيرا ويكون عسر الحركة. وهو لحيم لان الحاد ضعيف ان لم يكن عليه غطاء وسترة من لحم كثير. وتحت صدر الطائر بطن ينتهى الى مكان خروج الفضلة والى انثناء الرجلين كما يكون فى الحيوان الذى له اربعة ارجل وفى الناس. فهذه الاعضاء فيما بين الجناحين والساقين. ولجميع الحيوان الذى يلد حيوانا او يبيض بيضا سرة فى وقت الولاد. واذا نشأ الطائر تخفى السرة ولا تظهر البتة لانها تلتئم بالمعاء بجزء من اجزاء العروق كما يعرض للحيوان الذى يلد حيوانا. وايضا من الطائر ما هو جيد الطيران وله اجنحة كبار قوية ولا سيما الطائر المعقف المخاليب الذى يأكل اللحم. فباضطرار يكون على مثل هذه الحال لجودة طيرانه. ومن اجل هذه العلة له كثرة ريش واجنحة كبار قوية. وليس الطير المعقف المخاليب جيد الطيران فقط بل اجناس أخر ايضا من اجناس الطير ولا سيما الطير الذى وهب له الطباع جودة الطيران لحال السلامة ولانه منتقل من بلد الى بلد. ومن الطير ما ليس هو جيد الطيران لثقل جثته ولان مأواه على الارض ومعاشه منها وطعمه الحبوب وما يأوى فى الماء على مثل تلك الحال. واجساد الطائر المعقف المخاليب صفار لطاف ما خلا الاجنحة لان الغذاء يصير اليها وفيها يفنى والاجنحة سلاحه وقوته. فاما جثث واجساد الطائر الذى ليس بجيد الطيران فعلى خلاف ذلك اعنى ان جثثها ثقال كبار. ولبعض الطائر الثقيل الجثة معونة اخرى بدل الجناحين اعنى المخاليب التى تكون فى ساقيها. وليس يمكن ان يكون طير له مخاليب فى رجليه ومخاليب فى ساقيه. وعلة ذلك من قبل ان الطباع لا يضع شيئا فضلا والمخاليب التى تكون فى الرجلين مما لا يحتاح اليه الطير المعقف المخاليب لان المخاليب التى تكون فى الساقين موافقة فى القتال للذى يقاتل ويهارش بعضه بعضا وهو ثابت على الارض. ولذلك تكون هذه المخاليب فى ساقى الطير الثقيل الجثة. ومن اجل هذه العلة لا تكون مخاليبه معقفة فى الطائر الثقيل الجثة فانه مما لا يحتاج اليه بل كان يضره لانه كان يربو فى الارض ويتشبك بجميع ما يمشى عليه. ومن اجل هذه العلة لا يمشى كل طائر له مخاليب معقفة على كل حال ولا يجلس على الحجر لان طباع مخاليبه مخالف لهذين. وباضطرار عرض هذا العرض لهذا الصنف من الطائر فى وقت الولادات لان الجزء الارضى موافق لكينونة الاعضاء القوية منه ولان الجزء الارضى مال الى الناحية العليا صارت منه جساوة المنقار وعظمه ولان الجزء الارضى يميل الى الناحية السفلى تصير منه المخاليب التى فى الساقين. ومن ذلك الجزء يكون عظم وقوة مخاليب الرجلين. ولو لم يكن هذا الجزء الارضى فى الطير وهذه الفضلة لكان الطباع ضعيفا. ومن اجل هذه العلة صار بعض الطير الذى يعوم بجلد فيما بين الاصابع بقول مبسوط ومنه ما ليس بين اصابعه جلد بل لاصابعه عرض متصل. فباضطرار صارت للطير هذه الاعضاء لهذه العلل. وخلقة ارجل هذا الصنف على مثل هذه الحال لما فيه الخيرة لانه يأوى فى الماء ومنه معاشه. فاما ريش هذا الطير الذى يستر جميع جثته وينتهى الى رجليه فهو موافق للسباحة لانه يكون له مثل المجاذيف. وكذلك تكون الاجنحة للسمك. واجنحة الطائر تكون قريبة من رؤوسها ولا تكون فيما بين رجليها. ومن الطائر ما هو طويل الساقين وعلة ذلك صنف معاشها لان الطباع يعمل الآلة بقدر العمل الذى يحتاج اليه وليس يهيىء العمل بقدر الآلة. فمن اجل ان صنفا من اصناف الطير لا يعوم ولا يأوى فى الماء لم يصر فيما بين اصابع رجليه جلد. ولان مأواه فى البر صار طويل الساقين طويل الاصابع وانثناء اصابعه اكثر. فلانه ليس بجيد الطيران وهو من هيولى واحدة والغذاء الذى كان يصير الى مؤخر الصدر مال الى الساقين ولذلك نشأت وطالت. ولذلك اذا طار هذا الصنف يستعمل رجليه بدل مؤخر الصدر والذنب ويطير ورجلاه مبسوطتان الى خلف وبهذا النوع صارت خلقة ساقيه موافقة له. ومن الطائر ما له رجلان وساقان قصار فاذا طار ضمها الى بطنه لكى لا يمنعه من الطيران شىء وليس يمنع قصر الرجلين من الطيران شىء. فاما رجلا الطير المعقف المخاليب فهى موافقة للصيد والخطف. وما كان من الطير طويل العنق وكان عنقه غليظا فهو يطير مبسوط العنق. وان كان عنقه طويلا ضعيفا فهو يثنيه عند الطيران. ولجميع الطير وركان وان كان كثير من الناس لا يظن ان له وركين بل فخذين فقط. وقد علمنا ان له وركين تمتد الى وسط البطن وعلة ذلك ان له رجلين اثنتين فلذلك له وركان مثل الانسان. وليس هو عادم الوركين مثل الحيوان الذى له اربعة ارجل وانما وركاه فى ناحية المقعدة ورجلاه لاصقة بوركيه لكى يقوى على قيام جثته. ولذلك يقيم الانسان جثته ايضا. فاما الحيوان الذى له اربعة ارجل فهو مائل الى الارض لحال ثقل رأسه. والطير ايضا لا يكون فى كل حين قائم الجثة لحاجته الى طلب طعمه من الارض. وليس للطائر الا رجلان اثنتان فقط لان له جناحين بدل الرجلين التى فى المقدم. ولذلك صير الطباع ورك الطير طويلا وفى وسط الورك وضع الساقين مثل سند لكى يكون الثقل مساويا من كلا الجانبين ويقوى على الطيران والمسير ويكون جيد الثبات. وقد ذكرنا العلة التى من اجلها صار للطير رجلان اثنتان فقط والعلة التى من اجلها لا يكون قائم الجثة فى كل حين. وليس فى ساقى الطير لحم لحال العلة التى ذكرنا اعنى العلة التى من اجلها ليس لارجل الدواب التى لها اربعة ارجل لحم. ولكل طير فى كل رجل اربعة اصابع بنوع واحد. فاما الطير الذى من ارض لوبية الذى يسمى نعام فسنذكر حاله فى آخره فانه قد يظن ان لا يكون من اجناس الطير لحال اختلاف خلقته. ولهذا الطير ثلاثة اصابع فى كل رجل لحال الثقة ولحال الاجنحة والعرض الذى عرض له يشبه بالعرض الذى يعرض للطير الطويل الساقين وخاصة العرض الذى عرض للطير الذى يسمى باليونانية قرقس. فان ذلك الطير ليس بكثير الاصابع. وهذه حال اصابع اجناس الطير ووضعه. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية اوقس فليس له الا فى المقدم رجلان وفى المؤخر رجلان فقط وعلة ذلك من قبل ان جسده لا يميل وينقل الى المقدم مثل ميل الآخر. ولجميع الطير انثيان وهما فى داخل الجسد. وسنذكر علة ذلك فى الاقاويل التى نضع فى ولاد الحيوان. فهذه حال اعضاء اجناس الطير. [13] فاما جنس السمك فهو ناقص الاعضاء التى تكون فى ظاهر الجسد لانه ليس له اجنحة ولا رجلان ولا يدان. وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف. وانما جثته متصلة بالرأس والذنب وليس رؤوس جميع السمك متشابهة بل منها رؤوس تقارب بعضها بعضا بالشبه. ومن السمك العريض ما له ذنب مستطيل مشوك ومن هنال يكون النشوء والزيادة فى عرض الجثة مثل جثث السمك الذى يسمى خدر وفواخت. وكل ما كان من هذا الصنف قريبا مما ذكرنا مشوك مستطيل ومنه ما يكون كثير اللحم ويكون قصيرا للعلة التى ذكرنا من اجلها صار ذنب الخدر قصيرا كثير اللحم. فاما الضفادع فالذى يعرض لها على خلاف مما ذكرنا لان عرض مقاديمها اكثر لحما من المواخير وما نقص من المواخير والذنب زاد الطباع على المقدم. وليس للسمك اعضاء تامة لان طباعه وجوهره توافق السباحة فليس له اعضاء تامة لان الطباع لا يصنع شيئا بنوع الفضلة والباطل. وايضا جوهر السمك دمى لانه يعوم وله جناحان لانه ليس بمشاء من اجل انه ليس له رجلان. وانما زيادة الرجلين موافقة لاستعمالها بالحركة. وليس يمكن ان يكون للسمك اربعة اجنحة ورجلان ولا يمكن ان يكون له عضو آخر مثل هذا البتة. ولو كان له عضو آخر لم يكن له دم. فاما صنف السمك الذى يسمى قردولو فله نغانغ ورجلان وليس له اجنحة بل له ذنب عريض ليس بصفيق. وللسمك العريض الجثة مثل الذى يسمى باليونانية باطوس والذى يسمى فاختة اربعة اجنحة فمنها جناحان فى البطن وجناحان فى الظهر. ومن السمك الطويل ما ليس له جناحان ولا رجلان مثل الانكليس والذى يسمى باليونانية غنغروس وجنس من اجناس السمك الذى يسمى باليونانية قسطروس وهو يكون فى البقعة التى فى البلد المسمى باليونانية سيفاس. وهذا الصنف مستطيل الجثة وخلقه شبيهة بخلقة الحيات مثل الذى يسمى باليونانية اسمورينى وليس لهذا الصنف اجنحة وانما يعوم بانثناء جسده اذا يحرك فى رطوبة الماء كما تفعل الحيات اذا سارت على وجه الارض. فان الحيات تعوم فى الماء كما تسير وتدب على وجه الارض. والعلة التى من اجلها ليس للاصناف التى تشبه الحيات اجنحة مثل العلة التى من اجلها ليس للحيات رجلان. وقد ذكرنا هذه العلة فى الاقاويل التى وضعنا فى مسير وحركة الحيوان. ولو كانت لها ارجل لكانت حركتها رديئة لانها كان تكون على اربعة علامات. ولو كانت الاجنحة بعضها قريبا من بعض لكانت حركتها عسرة جدا. ولو كانت تبعد الاجنحة بعضها من بعض لصارت الحركة ايضا رديئة لان الجزء االذى بين الاجنحة كبير. ولو كانت لها علامات كثيرة تتحرك بها لم يكن يمكن ان يكون لها دم. ومن اجل هذه العلة صارت لبعض السمك جناحان فقط لان خلقته مستطيلة شبيهة بخلقة الحيات فهو يستعمل انثناء جثته مكان الجناحين الباقيين ولذلك يدب فى اليبس ويعيش حينا كثيرا. وربما كان لبعض اصناف السمك جناحان فقط وذانك الجناحان يكونان فيما يلى الظهر فقط. وذلك يوجد فى السمك الذى لا يمتنع من ان يعوم لحال عرض جثته. ومن السمك ما تكون له جناحان قريبان من رأسه اذا لم يكن له طول جثة يتحرل به. فليس يمكن ان يكون جسد السمك الذى مثل هذا الصنف مستطيلا. فاما الصنف الذى يسمى باليونانية باطوس وكلما كان مثله فله عرض بدل الجناحين التى تكون فى المؤخر فهى تعوم بذلك العرض مثل الصنف الذى يسمى خدرا وضفدعا فانه يعوم بعرض اسفل جثته وخاصة لحال عرض الناحية العليا. فاما الاجنحة التى فريبة من الرأس فليس تمنعه من الحركة لحال العرض بل بدل ما يكون فوق صارت هذه الاجنحة اصغر من التى فى المؤخر. وللصنف الذى يسمى خدرا قريبا من الذنب جناحان وهو يستعمل العرض مكان الجناحين الباقيين. وقد وصفنا حال الاعضاء وآلة الحواس التى فى الرأس فيما سلف من قولنا. وللسمك شىء خاص ليس لسائر الحيوان الدمى اعنى طباع النغانع. وقد ذكرنا علة ذلك فيما وصفنا من التنفس. ومن السمك الذى له نغانع ما لنغانغه اغطية. فاما الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية صلاخى فليس لنغانغه غطاء البتة. وعلة ذلك من قبل ان نغانغه شوكية وانما الغطاء شوكى. فاما جميع اصناف الحيوان الذى يسمى صلاخى فخلقته من غضروف وشوك وايضا حركات بعض النغانغ بطيئة لان خلقتها ليست من شوك ولا من غضروف. واما خلقة التى تكون من شوك فهى موافقة للحركة وينبغى ان تكون حركة الغطاء سريعة لان ذلك اوفق لطباع النغانغ. ومن اجل هذه العلة يكون اجتماع النغانغ على موضع السبيل فى جميع اصناف الحيوان الذى يشبه صلاخى ولا يحتاج الى غطاء لكى تكون الحركة سريعة. ومن السمك ما له نغانغ قليلة ومنه ما له نغانغ كثيرة. وربما كانت تلك النغانغ فى بعض السمك اضعافا وربما كانت دقاقا مبسوطة وآخرها ايضا مبسوطا. ومعرفة ذلك تكون يقينا من معاينة الشق ومن الاقاويل التى وضعنا فى حال طباع الحيوان. وعلة ذلك اعنى علة الكثرة والقلة ان الحرارة التى فى القلب صيرت الحركة اسرع واقوى فحركة الاصناف التى لها حرارة اسرع. فاما ما كان له نغانغ اكثر مضعفة فطباعه على مثل هذه الحال لان له قوة اكثر من قوة الاصغر المبسوطة. ومن اجل هذه العلة يقوى بعض هذه الاصناف على المعاش فى البر حينا كثيرا اعنى التى لها نغانغ كثيرة فانها تبقى اكثر من التى لها نغانغ اصغر واقل مثل الانكليس وجميع الاصناف التى خلقتها شبيهة بخلقة الحيات لانها لا تحتاج الى تبريد كثير. وفى هذه الاصناف ايضا [اختلاف] من قبل خلقة الفم لان منها ما يكون فمه قبالته ومنها ما يكون فمه فى المقدم ومنها ما يكون فمه فى ناحية الظهر مثل الدلفين وجميع اصناف الحيوان الذى يسمى صلاخى. فانما يتناول الطعام انا انقلب وصار على ظهره. وهو بين ان الطباع فعل ذلك ليس لحال السلامة فقط فانه اذا انقلب سلم بل لانه يبطئ فى اخذ الطعام وعضه من اجل ان جميع هذا الصنف يأكل الحيوان فلم يكن له حيدة فى الرغبة فى كثرة الطعام. ومعما وصفنا من خرطوم هذا الصنف مستدير دقيق الطباع ولذلك لا يمكن ان يكون جيد القطع والتجزئ. فانه لو سهل اخذ الطعم هذا الصنف لهلك عاجلا لحال الامتلاء. وايضا من الاصناف التى افواهها فى الناحية العليا ما له فم كثير الانفتاح وما له فم قليل الانفتاح. فما كان منها اكول اللحم فله فم جيد الانفتاح لان قوة هذا الصنف فى الفم. فاما ما كان منه لا يأكل اللحم فله فم صغير قليل الفتح. ومن هذا الحيوان ما جلده مملوئ قشورا وانما تنتثر القشور من الجسد لحال رقته وصفاوته ومنها ما هو خشن الجلد مثل الذى يسمى باليونانية رينا وباطوس وما يشبه هذا الصنف. فاما ما له جلد املس فهو قليل فاما الصنف الذى يسمى صلاخى فله قشور غير انه خشن لان خلقته من غضروف وشوك من اجل ان الجزء الارضى مال الى الجلد من قبل الطباع وفنى فيه. وليس لشىء من هذه الاصناف خصى لا فى ظاهر الجسد ولا فى باطنه ولا لشىء آخر من الحيوان الذى ليس له رجلان. فاما الحيات فلها سبيل تخرج منها الفضلة كما لسائر الحيوان الذى يلد حيوانا وله اربعة ارجل. فاما الحيات فليس لها سبيل خروج فضلة البول لانه ليس لها مثانة ولا تكون فيها فضلة رطوبة فهذا الاختلاف الذى بين جنس السمك واجناس سائر الحيوان وهذه الفصول التى تعرف بها. فاما الدلفين والحيوان الذى يسمى باليونانية فالاينا وجميع الصنف الذى يشبه ما وصفنا وهو عظيم الجثة فليس له نغانغ بل له انبوبة لان له رئة واذا قبل بالفم كثيرا من الطعام اخرج من الانبوبة اقل لانه باضطرار ان يقبل الرطوبة لاخذ الطعم فى الماء فاذا قبل الطعم باضطرار يخرج الماء. فالنغانغ موافقة للاصناف التى لا تتنفس. وقد وصفنا العلة التى من اجلها يعرض ذلك فى القول الذى قلنا فى التنفس لانه لا يمكن ان تكون لشىء منها نغانغ ويتنفس معا بل لهذا الصنف انبوبة لحال خروج ودفع الماء. وانما موضع الانبوبة فى مقدم الدماغ وهو يأخذ فى ناحية الدماغ الى ان ينتهى الى آخر الفقار. والعلة التى من اجلها صارت لهذا الصنف رئة ويتنفس من قبل ان ما عظم من الحيوان يحتاج الى حرارة كثيرة لتجود حركته فلذلك خلقت فيه رئة مملوءة من دم وحرارة طباعية. وبنوع من الانواع هذا الحيوان برى ومائى لانه يقبل الهواء مثل برى وليس له رجلان ويأخذ طعمه من الرطوبات مثل مائى. والصنف الذى يسمى باليونانية فوقى والخطاف يقال انه مشترك اعنى هو برى ومائى والذى يسمى فوقى يشارك الحيوان المائى والبرى. فاما الخطاف فهو يشارك الطير [و] البرى ومن اجل هذه العلة صارت لهما شركة. والذى يسمى فوقى له رجلان مثل مائى وله اجنحة مثل برى والرجلان اللتان فى مقدم جثته شبيهتان بارجل السمك جدا. وايضا جميع اسنان هذا الصنف حادة وهى ناتئة الى خارج. فاما الخطاف فله رجلان مثل طير وليس له ذنب لانه مثل برى. فمن اجل هذه العلل عرض ما ذكرنا اضطرارا لان جناحى الخطاف من جلد وليس يكون ذنب لشىء من الطير ان لم يكن مشقوق الاجنحة ولو كان للخطاف ذنب لكان مانعا لحركة جناحه. [14] والنعامة ايضا على مثل هذه الحال لان بعض خلقتها شبيه بخلقة طير وبعض خلقتها شبيه بخلقة حيوان له اربعة ارجل. فلانه ليس بحيوان ذى اربعة ارجل له جناحان ولانه ليس بطير و]لا يطير ولا يرتفع فى الهواء لان جناحيه ليست بموافقة للطيران بل خلقتها دقيقة مثل الشعر وايضا لانه مثل حيوان ذى اربعة ارجل له اشفار [التى] تكون فى الناحية العليا. وناحية رأسه مشقوقة وما يلى عنقه ولذلك شعر اشفاره دقيق مثل الشعر. ولانه مثل الطير صار اسفل جسده كثير الريش وله رجلان اثنتان مثل طير وله ظلفان مثل الحيوان الذى له اربعة ارجل لان ليس له اصابع بل اظلاف. وعلة ذلك من قبل ان عظم جسده لا يشبه عظم طير بل يشبه عظم حيوان له اربعة ارجل. وباضطرار يكون عظم جثة الطير قليل بقول عام لانه لم يكن يمكن ان تكون له جثة عظيمة وتكون له حركة سريعة فى الهواء ولا يرتفع فيه. فقد وصفنا حال الاعضاء وبينا العلة التى من اجلها صار كل واحد منها فى اجساد الحيوان وميزنا كل جنس وصنف على حدته. ونحن نهم أن نأخذ فى ذكر ولاد الحيوان فيما نستأنف من قولنا. تمت المقالة الرابعة عشر من كتاب الحيوان لارسطوطاليس
صفحة غير معروفة